وقال القرطبى :
﴿ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾
تقدّم.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢)
فيه خمس مسائل :
الأولى : قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ ﴾ روى الدَّارِمي أبو محمد في مسنده أخبرنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عبد الله بن سَلاَم قال : قَعَدَنا نَفَرٌ من أصحاب رسول الله ﷺ فتذاكرنا فقلنا : لو نعلم أيّ الأعمال أحبّ إلى الله تعالى لعملناه ؛ فأنزل الله تعالى ﴿ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض وَهُوَ العزيز الحكيم * يا أيها الذين آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ ﴾ حتى ختمها.
قال عبد الله : فقرأها علينا رسول الله ﷺ حتى ختمها.
قال أبو سلمة : فقرأها علينا ابن سَلاَم.
قال يحيى : فقرأها علينا أبو سلمة وقرأها علينا يحيى وقرأها علينا الأوزاعي وقرأها علينا محمد.
وقال ابن عباس قال عبد الله بن رَوَاحة : لو علمنا أحبّ الأعمال إلى الله لعملناه.
فلما نزل الجهاد كرهوه.
وقال الكلبي : قال المؤمنون يا رسول الله، لو نعلم أحبّ الأعمال إلى الله لسارعنا إليها ؛ فنزلت ﴿ هَلْ أَدُلُّكمْ على تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ فمكثوا زماناً يقولون : لو نعلم ما هي لاشتريناها بالأموال والأنفس والأهلين ؛ فدلهم الله تعالى عليها بقوله :﴿ تُؤْمِنُونَ بالله وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ﴾ الآية.
فابْتُلُوا يوم أُحُد ففرّوا ؛ فنزلت تعيّرهم بترك الوفاء.
وقال محمد بن كعب : لما أخبر الله تعالى نبيّه ﷺ بثواب شهداء بدر قالت الصحابة : اللهم اشهد! لئن لقينا قتالاً لنُفْرِغَنّ فيه وُسْعَنا ؛ ففروا يوم أُحُد فعيّرهم الله بذلك.


الصفحة التالية
Icon