وقال قتادة والضحاك : نزلت في قوم كانوا يقولون : نحن جاهدنا وأبْلَيْنا ولم يفعلوا.
وقال صُهيب :" كان رجل قد آذى المسلمين يوم بدر وأنكاهم فقتلته.
فقال رجل يا نبيّ الله، إني قتلت فلانا، ففرح النبيّ ﷺ بذلك.
فقال عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عَوْف : يا صُهيب، أما أخبرت رسول الله ﷺ أنك قتلت فلانا! فإن فلانا انتَحَل قتله ؛ فأخبره فقال :"أكذلك يا أبا يحيى"؟ قال نعم، والله يا رسول الله " ؛ فنزلت الآية في المنتحِل.
وقال ابن زيد : نزلت في المنافقين ؛ كانوا يقولون للنبيّ ﷺ وأصحابه : إن خرجتم وقاتلتم خرجنا معكم وقاتلنا ؛ فلما خرجوا نكصوا عنهم وتخلفوا.
الثانية : هذه الآية توجب على كل من ألزم نفسه عملا فيه طاعة أن يفي بها.
وفي صحيح مسلم عن أبي موسى أنه بعث إلى قرّاء أهل البصرة فدخل عليه ثلثمائة رجلٍ قد قرءوا القرآن ؛ فقال : أنتم خيار أهل البصرة وقرّاؤهم، فاتْلُوه ولا يَطُولَنّ عليكم الأمد فتَقْسُوَ قلوبكم كما قستْ قلوب من كان قبلكم.
وإنا كنا نقرأ سورةً كنا نشبهها في الطُّول والشدة ب "براءة" فأنْسيتها ؛ غير أني قد حفِظت منها "لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب".
وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المُسبِّحات فأنسيتها ؛ غير أني حفظت منها ﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ ﴾ فَتُكْتَب شهادةً في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة.
قال ابن العربي : وهذا كله ثابت في الدِّين.
أما قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ ﴾ فثابت في الدِّين لفظاً ومعنىً في هذه السورة.
وأما قوله : شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة فمعنىً ثابتٌ في الدّين ؛ فإن من التزم شيئاً لزمه شرعاً.