وقال الآلوسى :
﴿ سَبَّحَ للَّهِ مَا فِى السماوات وَمَا فِي الأرض وَهُوَ العزيز الحكيم ﴾
الكلام فيه كالكلام المار في نظيره، والنداء بوصف الإيمان في قوله تعالى :
﴿ يا أَيُّهَا الذين ءامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ ﴾
على ما عدا القول الأخير في سبب النزول ظاهر، وعليه قيل : هو للتهكم بأولئك المنافقين وبإيمانهم، و﴿ لَمْ ﴾ مركبة من اللام الجارة.
وما الاستفهامية قد حذف ألفها على ما قال النحاة للفرق بين الخبر والاستفهام ولم يعكس حرصا على الجواب، وقيل : لكثرة استعمالهما معا فاستحق التخفيف وإثبات الكثرة المذكورة أمر عسير، وقيل : لاعتناقهما في الدلالة على المستفهم عنه، وبين بأن قولك.
لم فعلت؟ مثلا المستفهم عنه علة الفعل فهو كالمركب من العلة والفعل والعلة مدلول اللام والفعل مدلول ما لأنها بمعنى أي شيء، والمفيد لذلك المجموع، وعند عدم الحرف المسؤول عنه الفعل وحده وهو كما ترى، والمعنى لأي شيء تقولون ما لا تفعلونه من الخير والمعروف؟ا على أن مدار التوبيخ في الحقيقة عدم فعلهم، وإنما وجه إلى قولهم تنبيهاً على تضاعف معصيتهم ببيان أن المنكر ليس ترك الخير الموعود فقط بل الوعد أيضاً، وقد كانوا يحسبونه معروفاً، ولو قيل : لم لا تفعلون ما تقولون لفهم منه أن المنكر هو ترك الموعود.
﴿ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ الله أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ ﴾
بيان لغاية قبح ما فعلوه، و﴿ كَبُرَ ﴾ من باب بئس فيه ضمير مبهم مفسر بالنكرة بعده، و﴿ أَن تَقُولُواْ ﴾ هو المخصوص بالذم، وجوز أن يكون في ﴿ كَبُرَ ﴾ ضمير يعود على المصدر المفهوم من قوله سبحانه :﴿ لِمَ تَقُولُونَ ﴾ [ الصف : ٢ ] أي كبر هو أي القول مقتاً ؛ و﴿ أَن تَقُولُواْ ﴾ بدل من المضمر أو خبر مبتدأ محذوف، وقيل : قصد فيه كثر التعجب من غير لفظه كما في قوله
: وجارة جساس أبأنا بنابها...
كليباً غلت ناب كليب بواؤها