قوله تعالى :﴿ وأخرى ﴾ قال الأخفش هي في موضع خفض على ﴿ تجارة ﴾ [ الصف : ١٠ ]، وهذا قول قلق، قد رد عليه ناس، واحتج له آخرون، والصحيح ضعفه، لأن هذه " الأخرى " ليست مما دل عليه إنما هي مما أعطى ثمناً وجزاء على الإيمان والجهاد بالنفس والمال، وقال الفراء :﴿ وأخرى ﴾ في موضع رفع، وقال قوم : إن ﴿ أخرى ﴾، في موضع نصب بإضمار فعل، كأنه قال :﴿ يغفر ذنوبكم ويدخلكم جنات ﴾ [ الصف : ١٢ ] ويمنحكم أخرى، وهي النصر والفتح القريب، وقرأ ابن أبي عبلة " نصراً من الله وفتحاً "، بالنصب فيهما، ووصفها تعالى بأن النفوس تحبها من حيث هي عاجلة في الدنيا، وقد وكلت النفس لحب العاجل، ففي هذا تحريض، ثم قواه تعالى بقوله :﴿ وبشر المؤمنين ﴾ وهذه الألفاظ في غاية الإيجاز، وبراعة المعنى، ثم ندب تعالى المؤمنين إلى النصرة، ووضع لهم هذا الاسم، وإن كان العرف قد خص به الأوس والخزرج، وسماهم الله تعالى به، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والأعرج وعيسى :" أنصاراً "، بتنوين الأنصار، وقرأ الباقون والحسن والجحدري " أنصارَ الله "، بالإضافة، وفي حرف عبد الله :" أنتم أنصار الله "، ثم ضرب تعالى لهم المثل بقوم بادروا حين دعوا، وهم " الحواريون " : خلصان الأنبياء، سموا بذلك لأنه ردد اختبارهم وتصفيتهم، وكذلك رد تنخيل الحواري : فاللفظتان في الحور، وقيل :" الحَواريون " سموا بذلك لبياض ثيابهم، وكانوا غسالين، نصروا عيسى، واستعمل اسمهم حتى قيل للناصر العاضد حواري، وقال النبي ﷺ :" وحواريي الزبير "، وافتراق طوائف بني إسرائيل هو في أمر عيسى عليه السلام، قال قتادة : والطائفة الكافرة ثلاث فرق : اليعقوبية : وهم قالوا هو الله، والإسرائيلية : وهم قالوا ابن الله، والنسطورية : وهم قالوا هو إله، وأمه إله والله ثالثهما، تعالى الله عن أقوالهم علواً كبيراً.