﴿ فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ مِّن بني إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٌ ﴾ والطائفتان في زمن عيسى افترقوا بعد رفعه إلى السماء، على ما تقدم في "آل عمران" بيانه.
﴿ فَأَيَّدْنَا الذين آمَنُواْ على عَدُوِّهِمْ ﴾ الذين كفروا بعيسى.
﴿ فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ ﴾ أي غالبين.
قال ابن عباس : أيّد الله الذين آمنوا في زمن عيسى بإظهار محمد على دين الكفار.
وقال مجاهد : أيدوا في زمانهم على من كفر بعيسى.
وقيل أيّدنا الآن المسلمين على الفرقتين الضالتين، من قال كان الله فارتفع، ومن قال كان ابن الله فرفعه الله إليه ؛ لأن عيسى ابن مريم لم يقاتل أحداً ولم يكن في دين أصحابه بعده قتال.
وقال زيد بن عليّ وقتادة :﴿ فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ ﴾ غالبين بالحجة والبرهان ؛ لأنهم قالوا فيما روي : ألستم تعلمون أن عيسى كان ينام والله لا ينام، وأن عيسى كان يأكل والله تعالى لا يأكل!.
وقيل : نزلت هذه الآية في رسل عيسى عليه الصلاة والسلام.
قال ابن إسحاق : وكان الذي بعثهم عيسى من الحوارِيّين والأتباع فطرس وبولس إلى رُومِيَة، واندراييس ومثى إلى الأرض التي يأكل أهلها الناس.
وتوماس إلى ارض بابل من أرض المشرق.
وفيلبس إلى قُرْطَاجَنّة وهي أفريقية.
ويحنّس إلى دقسوس قرية أهل الكهف.
ويعقوبس الى أورشليم وهي بيت المقدس.
وابن تلما إلى العرابية وهي أرض الحجاز.
وسمين إلى أرض البربر.
ويهودا وبردس إلى الإسكندرية وما حولها.
فأيدهم الله بالحجة.
﴿ فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ ﴾ أي عالين ؛ من قولك : ظهرت على الحائط أي عَلَوْت عليه.
( والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب ). أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٨ صـ ﴾