وقال أبو السعود فى الآيات السابقة :
﴿ يا أيها الذين ءامَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ على تجارة تُنجِيكُم مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ وقُرِىءَ تنجِّيكُم بالتشديدِ.
وقولُهُ تعالَى :﴿ تُؤْمِنُونَ بالله وَرَسُولِهِ وتجاهدون فِى سَبِيلِ الله بأموالكم وَأَنفُسِكُمْ ﴾
استئنافٌ وقعَ جواباً عما نشأَ مما قبله كأنَّهم قالوا كيفَ نعملُ أو ماذَا نصنعُ فقيلَ تؤمنونَ بالله الخ. وهو خبرٌ في مَعْنى الأمرِ جيءَ بهِ للإيذانِ بوجوبِ الامتثالِ فكأنه قد وقعَ فأخبرَ بوقوعِهِ ويؤيدُهُ قراءةُ من قرأ ﴿ ءَامِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ وجاهدوا ﴾ وقُرِىءَ تُؤمِنُوا وتُجاهِدُوا على إضمارِ لامِ الأمرِ ﴿ ذلكم ﴾ إشارةٌ إلى ما ذكرَ من الإيمانِ والجهادِ بقسميه وما فيه من معنى البعدِ لما مرَّ غيرَ مرةٍ ﴿ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ على الإطلاقِ، أو منْ أموالِكُم وأنفسِكُم ﴿ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ أي أنْ كنتُم من أهلِ العلمِ فإنَّ الجهلةَ لا يعتدُّ بأفعالِهِم، أو إنْ كنتُم تعلمونَ أنَّه خيرٌ لكُم حينئذٍ لأنكُم إذَا علمتُم ذلكَ واعتقدتُموه أحببتُم الإيمانَ والجهادَ فوقَ ما تحبونَ أنفسَكُم وأموالَكُم فتُخلِصونَ وتفلحُونَ ﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ جوابٌ للأمرِ المدلولِ عليه بلفظ الخبرِ، أو لشرطٍ أو استفهامٍ دلَّ عليهِ الكلامُ، تقديرُهُ أنْ تؤمنُوا وتُجاهِدوا أو هَلْ تقبلُونَ أن أدلكُم يغفرْ لكُمْ، وجعلُه جواباً لهَلْ أدلكُم بعيدٌ لأنَّ مجردَ الدلالةِ لا يوجبُ المغفرةَ ﴿ وَيُدْخِلْكُمْ جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار ومساكن طَيّبَةً فِى جنات عَدْنٍ ذَلِكَ ﴾ أي ما ذكرَ من المغفرةِ وإدخالِ الجناتِ الموصوفةِ بما ذكرَ من الأوصاف الجليلةِ ﴿ الفوز العظيم ﴾ الذي لا فوزَ وراءَهُ ﴿ وأخرى ﴾ ولكُم إلى هذه النعمِ العظيمةِ نعمةٌ أُخرى عاجلةٌ ﴿ تُحِبُّونَهَا ﴾ وترغبونَ فيهَا، وفيهِ تعريضٌ بأنهم يؤثرونَ العاجلَ على الآجلِ، وقيلَ أُخرى منصوبةٌ بإضمارِ يعطكُمْ، أو تحبونَ، أو مبتدأٌ خبرُهُ ﴿ نَصْرٌ مّن الله ﴾ وهو عَلى الأولِ بدلٌ، أو بيانٌ، وعلى تقديرِ النصبِ خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ ﴿ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ﴾ أي عاجلٌ، عطفٌ على نصرٌ على الوجوهِ المذكورةِ. وقُرِىءَ نصراً وفتحاً قريباً على