الاختصاصِ، أو على المصدرِ أيْ تُنصرونَ نصراً ويُفتحُ لكم فَتْحاً، أو عَلى البدليةِ من أُخرى على تقدير نصبِهَا، أي يعطكُم نعمةً أُخرى نصراً وفتحاً ﴿ وَبَشّرِ المؤمنين ﴾ عطفٌ على محذوفٍ مثل قُل يا أيُّها الذينَ آمنُوا وبشرْ، وعلى تؤمنونَ فإنَّه في معنى آمِنُوا كأنَّه قيلَ آمِنُوا وجاهِدُوا أيُّها المؤمنونَ وبشرْهُم يا أيُّها الرسولُ بما وعدتَهُم على ذلكَ عاجلاً وآجلاً.
﴿ يا أيها الذين ءامَنُواْ كُونُواْ أنصار الله ﴾
وقُرِىءَ أنصاراً لله بلاَ إضافةٍ لأن المَعْنَى كونُوا بعضَ أنصارِ الله. وقُرِىءَ كونُوا أنتُم أنصارَ الله ﴿ كَمَا قَالَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيّينَ مَنْ أنصارى إِلَى الله ﴾ أي مَنْ جُندي متوجهاً إلى نصرة الله كما يقتضيهِ قولُهُ تعالى :﴿ قَالَ الحواريون نَحْنُ أَنْصَارُ الله ﴾ والإضافةُ الأُولى إضافةُ أحدِ المتشاركينِ إلى الآخرِ لما بينهُما من الاختصاصِ، والثانيةُ إضافةُ الفاعلِ إلى المفعولِ، والتشبيهُ باعتبارِ المَعْنَى أي كونُوا أنصارَ الله كما كانَ الحواريونَ أنصارَهُ حينَ قال لهُم عيسى مَن أنصارِي إلى الله أو قُل لَهُم كونُوا كما قالَ عيسى للحواريينَ. والحواريونَ أصفياؤُه وهم أولُ من آمنَ به وكانوا إثني عشرَ رجلاً ﴿ فَئَامَنَت طَّآئِفَةٌ مِّن بَنِى إسرايل ﴾ أي بعِيسَى وأطاعُوه فيما أمرَهُم به من نصرة الدين ﴿ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ ﴾ أُخرى به وقاتلوهم ﴿ فَأَيَّدْنَا الذين ءامَنُواْ على عَدُوِّهِمْ ﴾ أي قوَّيناهُم بالحجة أو بالسيفِ وذلكَ بعد رفعِ عيسى عليهِ السلامُ ﴿ فَأَصْبَحُواْ ظاهرين ﴾ غالبينَ. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon