وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
قوله :﴿ يأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ على تجارة تُنجِيكُم مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾
جعل العمل المذكور بمنزلة التجارة ؛ لأنهم يربحون فيه، كما يربحون فيها، وذلك بدخولهم الجنة، ونجاتهم من النار.
قرأ الجمهور ﴿ تنجيكم ﴾ بالتخفيف من الإنجاء.
وقرأ الحسن، وابن عامر، وأبو حيوة بالتشديد من التنجية.
ثم بيّن سبحانه هذه التجارة التي دلّ عليها فقال :﴿ تُؤْمِنُونَ بالله وَرَسُولِهِ وتجاهدون فِى سَبِيلِ الله بأموالكم وَأَنفُسِكُمْ ﴾ وهو خبر في معنى الأمر للإيذان بوجوب الامتثال، فكأنه قد وقع، فأخبر بوقوعه، وقدّم ذكر الأموال على الأنفس ؛ لأنها هي التي يبدأ بها في الإنفاق والتجهز إلى الجهاد.
قرأ الجمهور :﴿ تؤمنون ﴾ وقرأ ابن مسعود :( آمنوا، وجاهدوا ) على الأمر.
قال الأخفش :﴿ تؤمنون ﴾ عطف بيان ل ﴿ تجارة ﴾، والأولى أن تكون الجملة مستأنفة مبينة لما قبلها، والإشارة بقوله :﴿ ذلكم ﴾ إلى ما ذكر من الإيمان والجهاد، وهو مبتدأ، وخبره :﴿ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ أي : هذا الفعل خير لكم من أموالكم وأنفسكم ﴿ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ أي : إن كنتم ممن يعلم، فإنكم تعلمون أنه خير لكم، لا إذا كنتم من أهل الجهل، فإنكم لا تعلمون ذلك.
﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ هذا جواب الأمر المدلول عليه بلفظ الخبر، ولهذا جزم.
قال الزجاج، والمبرد : قوله :﴿ تُؤْمِنُونَ ﴾ في معنى آمنوا، ولذلك جاء ﴿ يغفر لكم ﴾ مجزوماً.
وقال الفرّاء :﴿ يغفر لكم ﴾ جواب الاستفهام، فجعله مجزوماً لكونه جواب الاستفهام، وقد غلطه بعض أهل العلم.
قال الزجاج : ليسوا إذا دلّهم على ما ينفعهم يغفر لهم إنما يغفر لهم إذا آمنوا وجاهدوا.


الصفحة التالية
Icon