وقال الرازي في توجيه قول الفراء : إن ﴿ هَلْ أَدُلُّكُمْ ﴾ في معنى الأمر عنده، يقال : هل أنت ساكت، أي : اسكت، وبيانه أن " هل " بمعنى الاستفهام، ثم يتدرّج إلى أن يصير عرضاً وحثاً، والحثّ كالإغراء، والإغراء أمر.
وقرأ زيد بن عليّ :( تؤمنوا، وتجاهدوا ) على إضمار لام الأمر.
وقيل : إن ﴿ يغفر لكم ﴾ مجزوم بشرط مقدّر، أي : إن تؤمنوا يغفر لكم، وقرأ بعضهم بالإدغام في يغفر لكم، والأولى ترك الإدغام ؛ لأن الراء حرف متكرّر، فلا يحسن إدغامه في اللام ﴿ وَيُدْخِلْكُمْ جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار ﴾ قد تقدّم بيان كيفية جري الأنهار من تحت الجنات ﴿ ومساكن طَيّبَةً فِى جَنَّاتِ عَدْنٍ ﴾ أي : في جنات إقامة ﴿ ذلك الفوز العظيم ﴾ أي : ذلك المذكور من المغفرة، وإدخال الجنات الموصوفة بما ذكر هو الفوز الذي لا فوز بعده، والظفر الذي لا ظفر يماثله.
﴿ وأخرى تُحِبُّونَهَا ﴾ قال الأخفش، والفرّاء :﴿ أخرى ﴾ معطوفة على ﴿ تجارة ﴾ فهي في محل خفض، أي : وهل أدلكم على خصلة أخرى تحبونها في العاجل مع ثواب الآخرة، وقيل : هي في محل رفع، أي : ولكم خصلة أخرى، وقيل : في محل نصب، أي : ويعطيكم خصلة أخرى.
ثم بيّن سبحانه هذه الأخرى فقال :﴿ نَصْرٌ مّن الله وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ﴾ أي : هي نصر من الله لكم، وفتح قريب يفتحه عليكم، وقيل :﴿ نصر ﴾ بدل من ﴿ أخرى ﴾ على تقدير كونها في محلّ رفع، وقيل : التقدير ولكم نصر وفتح قريب.
قال الكلبي : يعني النصر على قريش وفتح مكة.
وقال عطاء : يريد فتح فارس والروم ﴿ وَبَشّرِ المؤمنين ﴾ معطوف على محذوف، أي : قل يا أيها الذين آمنوا، وبشر، أو على ﴿ تؤمنون ﴾ ؛ لأنه في معنى الأمر، والمعنى : وبشّر يا محمد المؤمنين بالنصر والفتح، أو، وبشّرهم بالنصر في الدنيا والفتح، وبالجنة في الآخرة، أو وبشّرهم بالجنة في الآخرة.


الصفحة التالية
Icon