﴿قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك﴾ [ النمل : ٤٠ ] قوة مستفادة من علم، والظاهر كما هو ظاهر قوله تعالى :﴿جاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة﴾ [ آل عمران : ٥٥ ] وغيرها أن تأييد المؤمنين به كان بعد رفعه بيسير حين ظهر الحواريون وانبثوا في البلاد يدعون إلى الله بما آتاهم من الآيات، فاتبعهم الناس، فلما تمادى الزمان ومات الحواريون ـ رضى الله عنه ـ م افترق الناس ودب إليهم الفساد، فغلب أهل الباطل وضعف أهل الحق حتى كانوا عند بعث النبي ـ ﷺ ـ عدماً أو في حكم العدم، - كما دلت عليه قصة سلمان الفارسي ـ رضى الله عنه ـ، فقد رجع آخر السورة كما ترى بما وقع من التنزه عما يوهمه علو الكفرة من النقص بنصر أوليائه وقسر أعدائه، ومن الأمر مما أخبر أولها أنه يحبه من القتال في سبيله حثاً عليه وتشويقاً إليه - على أولها، واتصل بما بشر به من آمن ولو على أدنى وجوه الإيمان من العز موصلها بمفصلها، بما أزيل من الأسباب الحاملة له على المداراة، والأمور التي أوقعته في المماشاة مع الكفار والمجاراة، فأوجب ذلك رسوخ الإيمان، وحصول الإتقان، المقتضي للتنزيه بالفعل عن كل شوب نقصان، والله الموفق للصواب وعليه التكلان. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٧ صـ ٥٨٨ ـ ٥٨٩﴾


الصفحة التالية
Icon