الأول : قال تعالى :﴿يُسَبّحُ لِلَّهِ﴾ ولم يقل : يسبح الله، فما الفائدة ؟ نقول : هذا من جملة ما يجري فيه اللفظان : كشكره وشكر له، ونصحه ونصح له.
الثاني :﴿القدوس﴾ من الصفات السلبية، وقيل : معناه المبارك.
الثالث : لفظ ﴿الحكيم﴾ يطلق على الغير أيضاً، كما قيل في لقمان : إنه حكيم، نقول : الحكيم عند أهل التحقيق هو الذي يضع الأشياء ( في ) مواضعها، والله تعالى حكيم بهذا المعنى.
ثم إنه تعالى بعدما فرغ من التوحيد والتنزيه شرع في النبوة فقال :
هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢)
الأمي منسوب إلى أمة العرب، لما أنهم أمة أميون لا كتاب لهم، ولا يقرأون كتاباً ولا يكتبون.
وقال ابن عباس : يريد الذين ليس لهم كتاب ولا نبي بعث فيهم، وقيل : الأميون الذين هم على ما خلقوا عليه وقد مر بيانه، وقرىء الأمين بحذف ياء النسب، كما قال تعالى :﴿رَسُولاً مّنْهُمْ﴾ [ المؤمنون : ٣٢ ] يعني محمداً ﷺ نسبه من نسبهم، وهو من جنسهم، كما قال تعالى :﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ﴾ [ التوبة : ١٢٨ ] قال أهل المعاني : وكان هو ﷺ أيضاً أمياً مثل الأمة التي بعث فيهم، وكانت البشارة به في الكتب قد تقدمت بأنه النبي الأمي، وكونه بهذه الصفة أبعد من توهم الاستعانة على ما أتى به من الحكمة بالكتابة، فكانت حاله مشاكلة لحال الأمة الذين بعث فيهم، وذلك أقرب إلى صدقة.