وقال القرطبى :
﴿ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) ﴾
تقدّم الكلام فيه.
وقرأ أبو العالية ونصر بن عاصم "الملك القدوس العزيز الحكيم".
كلها رفعاً ؛ أي هو الملك.
قول تعالى :﴿ هُوَ الذي بَعَثَ فِي الأميين رَسُولاً مِّنْهُمْ ﴾
قال ابن عباس : الأميُّون العرب كلهم، من كتب منهم ومن لم يكتب، لأنهم لم يكونوا أهل كتاب.
وقيل : الأميُّون الذين لايكتبون.
وكذلك كانت قريش.
وروى منصور عن إبراهيم قال : الأمّي الذي يقرأ ولا يكتب.
وقد مضى في "البقرة".
﴿ رَسُولاً مِّنْهُمْ ﴾ يعني محمداً صلى الله عليه وسلم.
وما من حَيّ من العرب إلا ولرسول الله ﷺ فيهم قرابة وقد وَلَدوُه.
قال ابن إسحاق : إلا حَيّ تَغْلِب ؛ فإن الله تعالى طهّر نبيّه ﷺ منهم لنَصْرَانِيَّتهم، فلم يجعل لهم عليه ولادة.
وكان أمّياً لم يقرأ من كتاب ولم يتعلّم صلى الله عليه وسلم.
قال الماوردي : فإن قيل ما وجه الامتنان فإن بعث نبياً أمّياً؟ فالجواب عنه من ثلاثة أوجه : أحدها لموافقته ما تقدمت ( به ) بشارة الأنبياء.
الثاني لمشاكلة حاله لأحوالهم، فيكون أقرب إلى موافقتهم.
الثالث لينتفي عنه سوء الظن في تعليمه ما دعي إليه من الكتب التي قرأها والحِكَم التي تلاها.
قلت : وهذا كله دليل معجزته وصدق نبوّته.
قوله تعالى :﴿ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ ﴾ يعني القرآن ﴿ وَيُزَكِّيهِمْ ﴾ أي يجعلهم أزكياء القلوب بالإيمان ؛ قاله ابن عباس.
وقيل : يطهّرهم من دنس الكفر والذنوب ؛ قاله ابن جُريج ومقاتل.
وقال السدّي : يأخذ زكاة أموالهم ﴿ وَيُعَلِّمُهُمُ الكتاب ﴾ يعني القرآن ﴿ والحكمة ﴾ السُّنَّة ؛ قاله الحسن.
وقال ابن عباس :"الكتاب" الخط بالقلم ؛ لأن الخط فَشَا في العرب بالشرع لمّا أمِروا بتقييده بالخط.
وقال مالك بن أنس :"الحِكْمَة" الفقه في الدِّين.