وقد مضى القول في هذا في "البقرة".
﴿ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ ﴾ أي من قبله وقبل أن يرسل إليهم.
﴿ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾ أي في ذهاب عن الحق.
قوله تعالى :﴿ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ ﴾
هو عطف على "الأمِّيين" أي بعث في الأميّين وبعث في آخرين منهم.
ويجوز أن يكون منصوباً بالعطف على الهاء والميم في "يُعَلِّمُهُم وَيُزَكِّيِهمْ" أي يعلمهم ويعلم آخرين من المؤمنين ؛ لأن التعليم إذا تناسق إلى آخر الزمان كان كله مسنداً إلى أوّله، فكأنه هو الذي تولّى كل ما وجد منه.
﴿ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ ﴾ أي لم يكونوا في زمانهم وسيجيئون بعدهم.
قال ابن عمر وسعيد بن جبير : هم العجم.
وفي صحيح البخاريّ ومسلم " عن أبي هريرة قال : كنا جلوساً عند النبيّ ﷺ إذ نزلت عليه سورة "الجمعة" فلما قرأ ﴿ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ ﴾ قال رجل : من هؤلاءِ يا رسول الله؟ فلم يراجعْه النبيّ ﷺ حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثاً.
قال : وفينا سَلْمان الفارسي.
قال : فوضع النبيّ ﷺ يده على سلمان ثم قال :"لو كان الإيمان عند الثُّرَياَّ لناله رجال من هؤلاء" " في رواية " لو كان الدِّين عند الثُّرَيَّا لذهب به رجل من فارس أوقال من أبناء فارس حتى يتناوله " لفظ مسلم.
وقال عكرمة : هم التابعون.
مجاهد : هم الناس كلهم ؛ يعني من بعد العرب الذين بُعث فيهم محمد صلى الله عليه وسلم.
وقاله ابن زيد ومقاتل بن حَيّان.
قالا : هم من دخل في الإسلام بعد النبيّ ﷺ إلى يوم القيامة.
وروى سهل بن سعد السَّاعدي : أن النبيّ ﷺ قال :" إن في أصلاب أمتي رجالاً ونساءً يدخلون الجنة بغير حساب ثم تلا ﴿ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ ﴾ " والقول الأوّل أثبت.