وقال الآلوسى :

بسْم الله الرحمن الرَّحيم

﴿ يُسَبّحُ لِلَّهِ مَا فِى السموات وَمَا فِي الأرض ﴾
تسبيحاً متجدداً على سبيل الاستمرار ﴿ الملك القدوس العزيز الحكيم ﴾ صفات للاسم الجليل، وقد تقدم معناها، وقرأ أبو وائل، ومسلمة بن محارب، ورؤبة، وأبو الدينار، والأعرابي برفعها على المدح، وحسن ذلك الفصل الذي فيه نوع طول بين الصفة والموصوف، وجاء كذلك عن يعقوب، وقرأ أبو الدينار، وزيد بن علي ﴿ القدوس ﴾ بفتح القاف.
﴿ هُوَ الذى بَعَثَ فِى الأميين ﴾ يعني سبحانه العرب لأن أكثرهم لا يكتبون ولا يقرأون.
وقد أخرج البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي عن ابن عمر عن النبي ﷺ قال :" إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب " وأريد بذلك أنهم على أصل ولادة أمهم لم يتعلموا الكتابة والحساب فهم على جبلتهم الأولى، فالأمي نسبة إلى الأم التي ولدته، وقيل : نسبة إلى أمة العرب، وقيل : إلى أم القرى، والأولى أشهر، واقتصر بعضهم في تفسيره على أنه الذي لا يكتب، والكتابة على ما قيل : بدئت بالطائف أخذوها من أهل الحيرة وهم من أهل الأنبار، وقرىء الأمين بحذف ياء النسب ﴿ رَسُولاً مّنْهُمْ ﴾ أي كائناً من جملتهم، فمن تبعيضية، والبعضية : إما باعتبار الجنس فلا تدل على أنه عليه الصلاة والسلام أمي، أو باعتبار الخاصة المشتركة في الأكثر فتدل، واختار هذا جمع، فالمعنى رسولاً من جملتهم أمياً مثلهم ﴿ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءاياته ﴾ مع كونه أمياً مثلهم لم يعهد منه قراءة ولا تعلم ﴿ وَيُزَكّيهِمْ ﴾ عطف على ﴿ يَتْلُو ﴾ فهو صفة أيضاً لرسولاً أي يحملهم على ما يصيرون به أزكياء طاهرين من خبائث العقائد والأعمال.
﴿ وَيُعَلّمُهُمُ الكتاب والحكمة ﴾ صفة أيضاً لرسولاً مترتبة في الوجود على التلاوة.


الصفحة التالية
Icon