﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُواْ فِي الأَرْضِ وَابْتَغُواْ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾
وقوله: ﴿فَانتَشِرُواْ فِي الأَرْضِ وَابْتَغُواْ مِن فَضْلِ اللَّهِ...﴾.
هذا: إِذْنٌ، وإباحةٌ، من شاء باع، ومن شاء لزم المسجد.
﴿ وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّواْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾
وقوله: ﴿وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّواْ إِلَيْهَا...﴾.
فجعل الهاء للتجارة دون اللهو، وفى قراءة عبدالله: "وإذا رأوا لهوا أو تجارة انفضوا إليها". وذكروا أن النبى صلى الله [عليه] كان يخطب يوم الجمعة، فقد دِحْيَة الكلبى بتجارة من الشام فيها كل ما يحتاج إليه الناس، فضرب بالطبل ليؤذن الناس بقدومه ؛ فخرج جميع الناس إليه إلاّ ثمانية نفر، فأنزل الله عز وجل: ﴿وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً﴾ يعنى: التجارة التى قدِم بها، ﴿أَوْ لَهْواً﴾: يعنى: الضرب بالطبل. ولو قيل: انفضوا إليه، يريد: اللهو كان صوابا، كما قال: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً﴾ ولم يقل: بها. ولو قيل: بهما، وانفضوا إليهما كما قال: ﴿إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فاللهُ أولى بهِمَا﴾، كان صوابا وأجود من ذلك فى العربية أن تجعل الراجع من الذكر للآخرِ من الاسمين وما بعد ذا فهو جائز. وإنما اختير فى انفضوا إليها ـ فى قراءتنا وقراءة عبدالله ؛ لأن التجارة كانت أهم إليهم، وهم بها أسرّ منهم بضرب الطبل ؛ لأن الطبل إنما دل عليها، فالمعنى كله لها. أ هـ ﴿معانى القرآن / للفراء حـ ٣ صـ ١٥٥ ـ ١٥٧﴾


الصفحة التالية
Icon