واعلم أن هذا الحديث لا يخصص الآية بالفرس والأكراد ولا يقيدها بهم كما قال بعضهم لأن الآية عامة فيهم وفي غيرهم إلى يوم القيامة من كلّ من يأتي بعد ويدين بدين الإسلام من الملل والنّحل كافة، لأن المسلمين أمة واحدة عربهم وعجمهم أبيضهم وأحمرهم أسودهم وسمرهم وأصفرهم "وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" (٣) الذي أيد هذا النبي الأمي ومكّنه في أمره العظيم ونصره على من أرسله إليهم ونشر دينه في مشارق الأرض ومغاربها "ذلِكَ" الفضل الذي خص به هذا الرّسول المحترم
هو "فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ" من عباده برحمته ولطفه لا بعمل ولا بقوة قال في الجوهرة :
ولم تكن نبوة مكتسبة ولو رقى في الخير أعلى عقدة
وقال تعالى (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) الآية ١٢٤ من سورة الأنعام ج ٢ "وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ" (٤) على خلقه ومن أعظم فضله عليهم إرسال محمد صلّى اللّه عليه وسلم لهدايتهم وإنقاذهم من الظّلمات إلى النّور، وأعظم فضله على أنبيائه أن خصهم برسالته، وجعلهم هداة لخلقه.
واعلم أن مطلق الفضل يمنّ به اللّه على من من يشاء من عباده، وقد يكون لسبب اجتهاد العبد سواء كان دنيويا أو أخرويا أما النّبوة فلا تكون بالاجتهاد أبدا ولو قام اللّيل وصام النّهار طول عمره وتصدق بجميع ما عنده.


الصفحة التالية
Icon