فصل


قال الفخر :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾
وجه التعلق بما قبلها هو أن الذين هادوا يفرون من الموت لمتاع الدنيا وطيباتها والذين آمنوا يبيعون ويشرون لمتاع الدنيا وطيباتها كذلك، فنبههم الله تعالى بقوله :﴿فاسعوا إلى ذِكْرِ الله﴾ أي إلى ما ينفعكم في الآخرة، وهو حضور الجمعة، لأن الدنيا ومتاعها فانية والآخرة وما فيها باقية، قال تعالى :﴿والآخرة خَيْرٌ وأبقى﴾ [ الأعلى : ١٧ ] ووجه آخر في التعلق، قال بعضهم : قد أبطل الله قول اليهود في ثلاث، افتخروا بأنهم أولياء الله واحباؤه، فكذبهم بقوله :﴿فَتَمَنَّوُاْ الموت إِن كُنْتُمْ صادقين﴾ [ الجمعة : ٦ ] وبأنهم أهل الكتاب، والعرب لا كتاب لهم، فشبههم بالحمار يحمل أسفاراً، وبالسبت وليس للمسلمين مثله فشرع الله تعالى لهم الجمعة، وقوله تعالى :﴿إِذَا نُودِىَ﴾ يعني النداء إذا جلس الإمام على المنبر يوم الجمعة وهو قول مقاتل، وأنه كما قال لأنه لم يكن في عهد رسول الله ﷺ نداء سواء كان إذا جلس عليه الصلاة والسلام على المنبر أذن بلال على باب المسجد، وكذا على عهد أبي بكر وعمر، وقوله تعالى :﴿للصلاة﴾ أي لوقت الصلاة يدل عليه قوله :﴿مِن يَوْمِ الجمعة﴾ ولا تكون الصلاة من اليوم، وإنما يكون وقتها من اليوم، قال الليث : الجمعة يوم خص به لاجتماع الناس في ذلك اليوم، ويجمع على الجمعات والجمع، وعن سلمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :" سميت الجمعة جمعة لأن آدم جمع فيه خلقه " وقيل : لما أنه تعالى فرغ فيها من خلق الأشياء، فاجتمعت فيها المخلوقات.


الصفحة التالية
Icon