قال صاحب الحاوي وغيره : ويقفون جميعاً عليه كلمة كلمة فإن أدى إلى تهويش أذان واحد. إلخ.
وفي صحيح البخاري، باب من قال : ليؤذن في السفر مؤذن واحد، وساق بسنده عن مالك بن الحويرث " أتيت النَّبي ﷺ في نفر من قومي، فأقمنان عنده عشرين ليلة وكان رحيماً ورفيقاً، فلما رأى شوقنا إلى أهلينا، قال :" ارجعوا فكونوا فيهم وعلموهم وصلوا إذا حضرت الصلاة، فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم "
قال في الفتح أثناء الشرح : وعلى هذا فلا مفهوم لقوله : مؤذن واحد في السفر : لأن الحضر أيضاً لا يؤذن فيه إلا واحد، ولو احتيج إلى تعددهم لتباعد أقطار البلد أذن كل واحد في جهة ولا يؤذنون جميعاً.
وقد قيل : إن أول من أحدث التأذين جميعاً بنو أمية.
وقال الشافعي في الأم : وأحب أن يؤذن مؤذن بعد مؤذن، ولا يؤذنون جميعاً، وإن كان مسجد كبير فلا بأس أن يؤذن في كل جهة منه، مؤذن، يسمع من يليه في وقت واحد اه.
وهذا الذي حكاه الشارح عن الشافعي موجود في الأم، ولكن بلفظ فلا بأس أن يؤذن في كل منارة له مؤذن فيسمع من يليه في وقت واحد اه.
وهذا القدر كاف لبيان قول الشافعي وأصحابه، من أن التعدد جائز بحسب المصلحة.
وعند مالك جاء في الموطأ حديث بلال وابن أم مكتوم أيضاً.
وقال الباجي في شرحه : ويدل هذا الحديث على جواز اتخاذ مؤذنين في مسجد يؤذنان، لصلاة واحدة.
وروى علي بن زياد عن مالك : لا بأس أن يؤذن للقوم في السفر والحرس والمركب ثلاثة مؤذنين وأربعة، ولا بأس أن يتخذ في المسجد أربعة مؤذنين وخمسة.
قال ابن حبيب : ولا بأس فيما اتسع وقته من الصلوات، كالصبح والظهر والعشاء، أن يؤذن خمسة إلى عشرة واحد بعد واحد، وفي العصر من ثلاثة إلى خمسة، ولا يؤذن في المغرب إلا واحد.
فهذا نص مالك والمالكية في جواز تعدد الأذان في المسجد الواحد، يؤذنون واحداً بعد واحد.


الصفحة التالية
Icon