فقيل لعبد الله : قد نزلت فيك آيات شديدة فاذهب إلى رسول الله ﷺ ليستغفر لك ؛ فألوى برأسه، فنزلت الآيات.
خرّجه البخاري ومسلم والترمذي بمعناه.
وقد تقدم أول السورة.
وقيل :﴿ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ ﴾ يستتبكم من النفاق ؛ لأن التوبة استغفار.
﴿ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ ﴾ أي يعرضون عن الرسول متكبرين عن الإيمان.
وقرأ نافع "لَوَوْا" بالتخفيف.
وشدد الباقون ؛ واختاره أبو عبيد وقال : هو فعل لجماعة.
النحاس : وغلط في هذا ؛ لأنه نزل في عبد الله بن أُبَيّ لما قيل له : تعال يستغفر لك رسول الله ﷺ حَرّك رأسه استهزاء.
فإن قيل : كيف أخبر عنه بفعل الجماعة؟ قيل له : العرب تفعل هذا إذا كنّت عن الإنسان.
أنشد سِيبويه لحسان :
ظننتم بأن يَخْفى الذي قد صنعتُم...
وفينا رسولٌ عنده الوَحْي واضِعُهْ
وإنما خاطب حَسّان ابن الأبيَرق في شيء سَرَقه بمكة.
وقصته مشهورة.
وقد يجوز أن يخبر عنه وعمن فعل فعله.
وقيل : قال ابن أُبَيّ لما لَوَى رأسه : أمرتموني أن أومِن فقد آمنت، وأن أعطي زكاة مالي فقد أعطيت ؛ فما بقي إلا أن أسجد لمحمد!.
قوله تعالى :﴿ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ﴾
يعني كل ذلك سواء، لا ينفع استغفارك شيئاً ؛ لأن الله لا يغفر لهم.
نظيره :﴿ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ [ البقرة : ٦ ]، ﴿ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ الواعظين ﴾ [ الشعراء : ١٣٦ ].
وقد تقدم.
﴿ إِنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الفاسقين ﴾ أي من سبق في علم الله أنه يموت فاسقاً. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon