وتعقب بأن الحالية تفيد أن السماع لقولهم لأنهم كالخشب المسندة وليس كذلك، و﴿ خُشُبٌ ﴾ جمع خشبة كثمرة وثمر، والمراد به ما هو المعروف شبهوا في جلوسهم مجالس رسول الله ﷺ مستندين فيها وما هم إلا أجرام خالية عن الإيمان والخير بخشب منصوبة مسندة إلى الحائط في كونهم أشباحاً خالية عن الفائدة لأن الخشب تكون مسندة إذا لم تكن في بناء أو دعامة بشيء آخر، وجوز أن يراد بالخشب المسندة الأصنام المنحوتة من الخشب المسندة إلى الحيطان شبهوا بها في حسن صورهم وقلة جدواهم، وفي مثلهم قال الشاعر :
لا يخدعنك اللحى ولا الصور...
تسعة أعشار من ترى بقر
تراهم كالسحاب منتشرا...
وليس فيها لطالب مطر
في شجر السرو منهم شبه...
له رواء وماله ثمر
وقرأ البراء بن عازب.
والنحويان.
وابن كثير ﴿ خُشُبٌ ﴾ بإسكان الشين تخفيف خشب المضمون، ونظيره بدنة وبدن.
وقيل : جمع خشباء.
كحمر.
وحمراء، وهي الخشبة التي نخر جوفها شبهوا بها في فساد بواطنهم لنفاقهم، وعن اليزيدي حمل قراءة الجمهور بالضم على ذلك، وتعقب بأن فعلاء لا يجمع على فعل بضمتين، ومنه يعلم ضعف القيل إذ الأصل توافق القراآت.
وقرأ ابن عباس.
وابن المسيب.
وابن جبير ﴿ خُشُبٌ ﴾ بفتحتين كمدرة ومدر وهو اسم جنس على ما في البحر، ووصفه بالمؤنث كما في قوله تعالى :
﴿ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ﴾ [ الحاقة : ٧ ] ﴿ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ﴾ أي واقعة عليهم ضارة لهم لجبنهم وهلعهم فكانوا كما قال مقاتل : متى سمعوا بنشدان ضالة أو صياحاً بأي وجه كان طارت عقولهم وظنوا ذلك إيقاعاً بهم، وقيل : كانوا على وجل من أن ينزل الله عز وجل فيهم ما يهتك أستارهم ويبيح دماءهم وأموالهم ؛ ومنه أخذ جرير قوله يخاطب الأخطل :
مازلت تحسب كل شيء بعدهم...
خيلا تكر عليهم ورجالا
وكذا المتنبي قوله :
وضاقت الأرض حتى ظن هاربهم...
إذا رأى غير شيء ظنه رجلا