زكاة من مالي ففعلت، ولم يبق لكم إلا أن تأمروني بالسجود لمحمد.
قال القاضي أبو محمد : فهذا هو قصص هذه السورة موجزاً، و" تعال " نداء يقتضي لفظه أنه دعاء الأعلى للأسفل، ثم استعمل لكل داع لما فيه من حسن الأدب. وقرأ نافع والمفضل عن عاصم " لووا " بتخفيف الواو، وهي قراءة الحسن بخلاف ومجاهد، وأهل المدينة، وقرأ الباقون وأبو جعفر والأعمش :" لوّوا " بشد الواو على تضعيف المبالغة، وهي قراءة طلحة وعيسى وأبي رجاء وزر والأعرج، وقرأ بعض القراء هنا :" يصِدون " بكسر الصاد، والجمهور بضمها، وقوله تعالى :﴿ سواء عليهم ﴾ الآية، روي أنه لما نزلت :﴿ إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر لهم ﴾ [ التوبة : ٨٠ ]، قال رسول الله ﷺ :" لأزيدن على السبعين "، وفي حديث آخر :" لو علمت أني إن زدت على السبعين غفر لهم لزدت "، فكأنه عليه السلام رجا أن هذا الحد ليس على جهة الحتم جملة، بل على أن ما يجاوزه يخرج عن حكمه، فلما فعل ابن أبي وأصحابه ما فعلوا شدد الله تعالى عليهم في هذه السورة، وأعلم أنه لن يغفر لهم دون حد في الاستغفار، وفي قول رسول الله ﷺ :" لو أعلم أني إن زدت غفر لهم " نص على رفض دليل الخطاب.
وقرأ جمهور الناس :" أستغفرت " بالقطع وألف الاستفهام، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع :" آستغفرت " بمدّ على الهمزة وهي ألف التسوية، وقرأ أيضاً : بوصل الألف دون همز على الخبر، وفي هذا كله ضعف لأنه في الأولى : أثبت همزة الوصل، وقد أغنت عنها همزة الاستفهام، وفي الثانية : حذف همزة الاستفهام وهو يريدها وهذا مما لا يستعمل إلا في الشعر. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon