والنسائي نحو ذلك، والأخبار فيه أكثر من أن تحصى ؛ وتلك الغزاة التي أشار إليها زيد قال سفيان : يرون أنها غزاة بني المصطلق، وفي "الكشاف" خبر طويل في القصة يفهم منه أنهم عنوا بمن عند رسول الله فقراء المهاجرين، والظاهر أن التعبير برسول الله ﷺ أي بهذا اللفظ وقع منهم ولا يأباه كفرهم لأنهم منافقون مقرون برسالته عليه الصلاة والسلام ظاهراً.
وجوز أن يكونوا قالوه تهكماً أو لغلبته عليه الصلاة والسلام حتى صار كالعلم لم يقصد منه إلا الذات، ويحتمل أنهم عبروا بغير هذه العبارة فغيرها الله عز وجل إجلالاً لنبيه عليه الصلاة والسلام وإكراماً، والانفضاض التفرق، و﴿ حتى ﴾ للتعليل أي لا تنفقوا عليهم كي يتفرقوا عنه عليه الصلاة والسلام ولا يصحبوه.
وقرأ الفضل بن عيسى الرقاشي ينفضوا من أنفض القوم فنى طعامهم فنفض الرجل وعاءه، والفعل مما يتعدى بغير الهمزة وبالهمزة لا يتعدى، قال في "الكشاف" : وحقيقته حان لهم أن ينفضوا مزاودهم، وقوله تعالى :﴿ وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السماء والأرض ﴾ ردّ وإبطال لما زعموا من أن عدم إنفاقهم على من عند رسول الله ﷺ يؤدي إلى انفضاضهم عنه عليه الصلاة والسلام ببيان أن خزائن الأرزاق بيد الله تعالى خاصة يعطي منها من يشاء ويمنع من يشاء ﴿ ولكن المنافقين لاَ يَفْقَهُونَ ﴾ ذلك لجهلهم بالله تعالى وبشؤنه عز وجل، ولذلك يقولون من مقالات الكفرة ما يقولون.
﴿ يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى المدينة لَيُخْرِجَنَّ الأعز مِنْهَا الأذل ﴾
قائله كما سمعت ابن أبي، وعنى بالأعز نفسه أو ومن يلوذ به، وبالأذل من أعزه الله عز وجل وهو الرسول ﷺ أو هو عليه الصلاة والسلام والمؤمنون، وإسناد القول المذكور إلى جميعهم لرضاؤهم به كما في سابقه.
وقرأ الحسن.
وابن أبي عبلة.