قال مقاتل، والسديّ : أي إذا نادى منادٍ في العسكر، أو انفلتت دابة، أو أنشدت ضالة ظنوا أنهم المرادون لما في قلوبهم من الرعب، ومن هذا قول الشاعر :
ما زلت تحسب كلّ شيء بعدهم... خيلا تكرّ عليهم ورجالا
وقيل : كان المنافقون على وجل من أن ينزل فيهم ما يهتك أستارهم، ويبيح دماءهم وأموالهم.
ثم أمر الله سبحانه رسوله بأن يأخذ حذره منهم فقال :﴿ فاحذرهم ﴾ أن يتمكنوا من فرصة منك، أو يطلعوا على شيء من أسرارك ؛ لأنهم عيون لأعدائك من الكفار.
ثم دعا عليهم بقوله :﴿ قاتلهم الله أنى يُؤْفَكُونَ ﴾ أي : لعنهم الله، وقد تقول العرب هذه الكلمة على طريقة التعجب، كقولهم : قاتله الله من شاعر، أو ما أشعره، وليس بمراد هنا، بل المراد ذمهم وتوبيخهم، وهو طلب من الله سبحانه طلبه من ذاته - عزّ وجلّ - أن يلعنهم ويخزيهم، أو هو تعليم للمؤمنين أن يقولوا ذلك ؛ ومعنى ﴿ أنى يُؤْفَكُونَ ﴾ : كيف يصرفون عن الحق، ويميلون عنه إلى الكفر.
قال قتادة : معناه يعدلون عن الحق.
وقال الحسن معناه يصرفون عن الرشد.
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ الله ﴾ أي : إذا قال لهم القائل من المؤمنين قد نزل فيكم ما نزل من القرآن، فتوبوا إلى الله ورسوله، وتعالوا يستغفر لكم رسول الله ﴿ لَوَّوْاْ رُءوسَهُمْ ﴾ أي : حركوها استهزاء بذلك.
قال مقاتل : عطفوا رءوسهم رغبة عن الاستغفار.
قرأ الجمهور :﴿ لوّوا ﴾ بالتشديد.