وقال القرطبى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ﴾
حذّر المؤمنين أخلاق المنافقين ؛ أي لا تشتغلوا بأموالكم كما فعل المنافقون إذ قالوا للشُّح بأموالهم : لا تُنْفِقُوا على مَن عند رسول الله.
﴿ عَن ذِكْرِ الله ﴾ أي عن الحج والزكاة.
وقيل : عن قراءة القرآن.
وقيل : عن إدامة الذكر.
وقيل : عن الصلوات الخمس ؛ قاله الضحاك.
وقال الحسن : جميع الفرائض ؛ كأنه قال عن طاعة الله.
وقيل : هو خطاب للمنافقين ؛ أي آمنتم بالقول فآمنوا بالقلب.
﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ﴾ أي من يشتغل بالمال والولد عن طاعة ربه ﴿ فأولئك هُمُ الخاسرون ﴾.
وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ }
فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى :﴿ وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الموت ﴾ يدل على وجوب تعجيل أداء الزكاة، ولا يجوز تأخيرها أصلاً.
وكذلك سائر العبادات إذا تعين وقتها.
الثانية : قوله تعالى :﴿ فَيَقُولُ رَبِّ لولا أخرتني إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصالحين ﴾ سأل الرجعة إلى الدنيا ليعمل صالحاً.
وروى الترمذي عن الضحاك بن مُزاحم عن ابن عباس قال : من كان له مال يبلِّغه حجّ بيت رَبّه أو تجب عليه فيه زكاة فلم يفعل، سأل الرجعة عند الموت.
فقال رجل : يا بن عباس، اتق الله، إنما سأل الرجعةَ الكفارُ.
فقال : سأتلو عليك بذلك قرآناً ﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ الله وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فأولئك هُمُ الخاسرون * وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الموت فَيَقُولُ رَبِّ لولا أخرتني إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصالحين ﴾.