إلى قوله ﴿ والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ قال : فما يوجب الزكاة؟ قال : إذا بلغ المال مائتين فصاعداً.
قال : فما يوجب الحج؟ قال : الزاد والراحلة.
"قلت" : ذكره الحَلِيمِيّ أبو عبد الله الحسين بن الحسن في كتاب ( مِنهاج الدِّين ) مرفوعاً فقال : وقال ابن عباس : قال رسول الله ﷺ :" من كان عنده مال يبلّغه الحج...
" الحديث ؛ فذكره.
وقد تقدم في "آل عمران" لفظه.
الثالثة : قال ابن العربِيّ :"أخذ ابن عباس بعموم الآية في إنفاق الواجب خاصّةً دون النفل ؛ فأما تفسيره بالزكاة فصحيح كله عموماً وتقديراً بالمائتين.
وأما القول في الحج ففيه إشكال ؛ لأنّا إن قلنا : إن الحج على التراخي ففي المعصية في الموت قبل الحج خلاف بين العلماء ؛ فلا تُخَرَّج الآية عليه.
وإن قلنا : إن الحج على الفور فالآية في العموم صحيح ؛ لأن من وجب عليه الحج فلم يؤدّه لقي من الله ما يودّ أنه رجع ليأتي بما ترك من العبادات.
وأما تقدير الأمر بالزاد والراحلة ففي ذلك خلاف مشهور بين العلماء.
وليس لكلام ابن عباس فيه مدخل ؛ لأجل أن الرجعة والوعيد لا يدخل في المسائل المجتهد فيها ولا المختلف عليها، وإنما يدخل في المتفق عليه.
والصحيح تناوله للواجب من الإنفاق كيف تصرف بالإجماع أو بنص القرآن ؛ لأجل أن ما عدا ذلك لا يتطرق إليه تحقيق الوعيد.
الرابعة : قوله تعالى :﴿ لولا ﴾ أي هَلاَّ ؛ فيكون استفهاماً.
وقيل :"لا" صلة ؛ فيكون الكلام بمعنى التمني.
﴿ فَأَصَّدَّقَ ﴾ نصب على جواب التمني بالفاء.
﴿ وَأَكُن ﴾ عطف على "فَأَصَّدَّقَ" وهي قراءة أبي عمرو وابن مُحَيْصِن ومجاهد.
وقرأ الباقون "وَأَكُنْ" بالجزم عطفاً على موضع الفاء ؛ لأن قوله :"فَأَصَّدَّق" لو لم تكن الفاء لكان مجزوماً ؛ أي أصدق.
ومثله :﴿ مَن يُضْلِلِ الله فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ ﴾ [ الأعراف : ١٨٦ ] فيمن جزم.