صرا بحضورهم وعلنا فيما بينهم "فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ" حتى لا يدخلها الإيمان الخالص جزاء إيمانهم المزيف "فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ" (٣) معنى ما يتلو عليهم الرّسول ولا يتدبرون مغزاه، لأنهم لا يتلقونه عن قبول وإذعان، بل عن ردّ واعتراض وإنكار وكراهية "وَ" هؤلاء الفجار "إِذا رَأَيْتَهُمْ" أيها الرّائي "تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ" طولا وامتلاء وحسنا وهيئة وقامة "وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ" لما هم عليه من الفصاحة والمعرفة بمواقع الكلام، ولكنهم في الحقيقة ليسوا بشيء "كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ" أشباح بلا أرواح، وأجسام بلا أحلام، لأن الذي ترى منهم من البلاغة وحسن النّطق كله فيما يتعلق بأمور الدّنيا أما ما يتعلق بالدين وأمور الآخرة فهم عنه بمعزل قال تعالى (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا)، لأنهم متغلغلون فيها منهمكون في زخارفها (وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) لاهون عنها طارحوها وراءهم.
راجع هذه الآية ٨ من سورة الرّوم ج ٢ في بحث الغافلين عن الآخرة المنصرفين إلى الدّنيا فتراهم يا سيد الرّسل من حيث الدّين أشباه رجال كما يتخيل من سماة بعض المتعممين الّذين يقال فيهم :
يحسبه الجاهل ما لم يعلما شيخا على كرسيه معهما
وبعض الملتحين في القول فيهم :
ألا ليت اللّحى كانت حشيشا فنعلفها دواب المسلمينا