راجع الآية ٨١ من سورة التوبة لآتية الدّالة على قطع أملهم والآيات قبلها وبعدها التي فضح اللّه بها أحوال المنافقين كلها، فلم يبق لهم خصلة مكتومة من أفعالهم القبيحة تجاه الرّسول وأصحابه إلا أوضحها، وهؤلاء "هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ" لبعضهم ولمن هو على شاكلتهم "لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ" من النّاس "حَتَّى يَنْفَضُّوا" عنه وقد خاب ظنهم فإن اللّه مغنيه عن نفقتهم وكيف يحتاج لهم : وللّه خزائن السّموات والأرض، وبيده مفاتح الرّزق وهو مولاه يكفيه عن كلّ خلقه على رغم أنوفهم، وكيف يحتاج إليهم وقد كلفه اللّه أن يجعل له جبال مكة ذهبا تلك الجبال التي شاهدناها التي سيكون لها شأن عظيم عند ترقي العلم الدّنيوي ويستخرج منها معادن إن لم تكن ذهبا تأتي بالذهب "وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ" (٧) أن الأرزاق بيد اللّه يؤتيها من يشاء من عباده ويمنعها عمن يشاء "يَقُولُونَ" أيضا هؤلاء المنافقون "لَئِنْ رَجَعْنا" من غزوة بني المصطلق بطن من خزاعة بن جذيمة وهو المصطلق وتسمى غزوة المريسيع اسم لماء من مياههم وغزوة محارب وغزوة الأعاجيب لعظم ما وقع فيها كما سنقصها بعد "إِلَى الْمَدِينَةِ" وانتهينا من غزوتنا هذه "لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا" أي من المدينة يربدون أنفسهم قاتلهم اللّه "الْأَذَلَّ" يريدون حضرة الرّسول وأصحابه أذلهم اللّه، وقد خسئوا وخابوا "وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ" لا لهم "وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ" (٨) ذلك لخبث عقيدتهم وسوء نيتهم.
مطلب غزوة بني المصطلق وما وقع فيها وما فاه به عبد اللّه بن سلول على حضرة الرّسول وأصحابه وما رده عليه ابنه :
وخلاصة هذه القصة هو أنه كان ضرار أخو جويرية أم المؤمنين بنت الحارث