بن أبي ضرار سيد بني المصطلق جمع جموعه لحرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، ولما بلغه ذلك خرج اليه بأصحابه رضي اللّه عنهم سنة ستّ من الهجرة لليلتين خلتا من شهر رمضان فلقيهم على المريسيع من ناحية قديد إلى السّاحل، فتزاحم النّاس واقتتلوا فهزمهم اللّه وأمكن رسوله منهم واستاق أبناءهم ونساءهم وأموالهم غنيمة.
ومن وقائع هذه الغزوة التي وعدنا بذكرها آنفا ما رواه البخاري ومسلم عن جابر قال غزونا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وقد بات معه أناس من المهاجرين حتى كثروا، وكان منهم رجل لعاب فكسع أنصاريا، فغضب الأنصاري غضبا شديدا حتى تداعوا، وقال الأنصاري يا للأنصار، وقال المهاجري يا للمهاجرين، فخرج رسول اللّه فقال ما بال دعوى الجاهلية، ثم قال ما شأنهم ؟ فأخبر بكسعة المهاجر للأنصاري، فقال دعوها فإنها خبيثة.
وقال عبد اللّه بن أبي بن سلول قد تداعوا علينا لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، قال عمر رضي اللّه عنه ألا أقتل يا رسول اللّه هذا الخبيث ؟ بارك اللّه فيك يا سيدي يا عمر كلما تكون قضية فيها ما يغضب اللّه ورسوله إلّا قوّم نفسه لينتقم للّه ورسوله.
راجع أول سورة الممتحنة المارة وقصة الفتح الآتية والآية ٦٠ فما بعدها من سورة النّساء المارة، فقال صلّى اللّه عليه وسلم لا يتحدث الناس إنه كان يقتل أصحابه، أي لا تفعل حتى لا يترنم النّاس في ذلك فيقولوا إنه كان يقتل أصحابه إذ لا يعلمون أحقية القتل لمثله.
وفي رواية مسلم فقال لا بأس، ولينصر الرّجل أخاه ظالما كان أو مظلوما، أي إن كان ظالما فلينهه فإنه له نصر وإن كان مظلوما فلينصره، وزاد الترمذي، فقال له ابنه عبد اللّه لا تنقلب حتى تقرّ أنك أنت الذليل ورسول اللّه العزيز، ففعل.
وقد ذكرنا في الآية ٤٣ من من سورة النّساء إن هذه الحادثة كانت سنة خمس، والصّحيح سنة ستّ كما جاء هنا واللّه أعلم.