فصل فى التفسير الموضوعى للسورة كاملة


قال الشيخ محمد الغزالى :
سورة المنافقون
النفاق من أخس الصفات، وهو ازدواج فى الشعور والسلوك يبدأ بأن يكون المرء ذا وجهين ولا يزال ينمو حتى يكون صاحبه كالحرباء التى تصطبغ بألوان شتى حسب الوسط التى تكون فيه! والكذب والحلف عليه من أول أخلاق المنافقين. وهم يقتربون أو يبتعدون حسب هبوب الريح التى تحملهم هنا أو هناك، فليس لهم محور ثابت يدورون حوله، أو وجهة محددة يرتبطون بها. إنما هى منافعهم الخاصة التى يرنون إليها ولا يتحولون عنها. " إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون". على أن الأحداث اليومية المتكررة وما تفرضه شتى المواقف على الناس لا تدع النفاق مستورا، فلابد أن ينكشف: إما فى فلتات اللسان وإما فى التعليق على الأحداث المفاجئة. وسورة " المنافقون " فضحت زعماء النفاق، وسجلت عليهم ما حاولوا الفرار منه! إنهم حريصون على أن تكون صورهم جميلة وشاراتهم معجبة - لتستر خباياهم - لكن حقدهم يغلبهم فيقولون ما يسئ إلى المهاجرين وما يحرج الأنصار. قد يقع شجار تافه بين بعض الخدم من هنا. ومن هنا فيجىء هؤلاء ليجعلوه فتنة جائحة تثير البغضاء وتنشى الوقيعة. " هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون ". إن الله ابتلى المهاجرين بترك أموالهم وبيوتهم فى مكة، وابتلى الأنصار باستقبالهم ومواساتهم فى المدينة؟ فهل يجوز أن يقول ابن أبى: إننا مع هؤلاء كما قيل " سمن كلبك يأكلك!! " يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون " ؟ هذا كلام امرئ يبغى الشر للإسلام وأمته ويريد تمزيق الشمل وبعثرة الصفوف!


الصفحة التالية
Icon