وقال الآلوسى :
﴿ إِذَا جَاءكَ المنافقون ﴾
أي حضروا مجلسك، والمراد بهم عبد الله بن أبي وأصحابه ﴿ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ الله ﴾ التأكيد بأن واللام للازم فائدة الخبر وهو علمهم بهذا الخبر المشهود به فيفيد تأكيد الشهادة، ويدل على ادعائهم فيها المواطأة وإن كانت في نفسها تقع على الحق والزور والتأكيد في قوله تعالى :﴿ والله يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ ﴾ لمزيد الاعتناء حقيقة بشأن الخبر، أو ليس إلا ليوافق صنيعهم، وجيء بالجلمة اعتراضاً لاماطة ما عسى أن يتوهم من قوله عز وجل :
﴿ والله يَشْهَدُ إِنَّ المنافقين لكاذبون ﴾ من رجوع التكذيب إلى نفس الخبر المشهود به من أول الأمر، وذكر الطيبي أن هذا نوع من التتميم لطيف المسلك، ونظيره قول أبي الطيب
: وتحتقر الدنيا احتقار مجرب...
ترى كل ما فيها وحاشاك فانياً
فالتكذيب راجع إلى ﴿ نَشْهَدُ ﴾ باعتبار الخبر الضمني الذي دل عليه التأكيد وهو دعوى المواطأة في الشهادة أي والله يشهد إنهم لكاذبون فيما ضمنوه قولهم :﴿ نَشْهَدُ ﴾ من دعوى المواطأة وتوافق اللسان والقلب في هذه الشهادة، وقد يقال : الشهادة خبر خاص وهو ما وافق فيه اللسان القلب، وأما شهادة الزور فتجوز كإطلاق البيع على غير الصحيح فهم كاذبون في قولهم :﴿ نَشْهَدُ ﴾ المتفرع على تسمية قولهم ذلك شهادة، وهو مراد من قال : أي لكاذبون في تسميتهم ذلك شهادة فلا تغفل.
وعلى هذا لا يحتاج في تحقق كذبهم إلى ادعائهم المواطأة ضمناً لأن اللفظ موضوع للمواطىء، وجوز أن يكون التكذيب راجعاً إلى قولهم :﴿ إِنَّكَ لَرَسُولُ الله ﴾ باعتبار لازم فائدة الخبر وهو بمعنى رجوعه إلى الخبر الضمني.


الصفحة التالية
Icon