وأن يكون راجعاً إليه باعتبار ما عندهم أي لكاذبون في قولهم :﴿ إِنَّكَ لَرَسُولُ الله ﴾ عند أنفسهم لأنهم كانوا يعتقدون أنه كذب وخبر على خلاف ما عليه حال المخبر عنه، قيل : وعلى هذا الكذب هو الشرعي اللاحق به الذم ألا ترى أن المجتهدين لا ينسبون إلى الكذب وإن نسبوا إلى الخطأ.
وجوز العلامة الثاني أن يكون التكذيب راجعاً إلى حلف المنافقين، وزعموا أنهم لم يقولوا ﴿ لاَ تُنفِقُواْ على مَنْ عِندَ رَسُولِ حتى يَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِهِمْ وَلَئِنِ رَّجَعْنَا إِلَى المدينة لَيُخْرِجَنَّ الاعز مِنْهَا الاذل ﴾ لما ذكر في صحيح البخاري عن زيد بن أرقم أنه قال : كنت في غزاة مع رسول الله ﷺ فسمعت عبد الله بن أبيّ بن سلول يقول : لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله ولو رجعنا من عنده ليخرجن الأعز منها الأذل فذكرت ذلك لعمي فذكره لنبي الله ﷺ فدعاني فحدّثته فأرسل رسول الله عليه الصلاة والسلام إلى عبد الله بن أبي.
وأصحابه فخلفوا أنهم ما قالوا : فكذبني رسول الله ﷺ وصدقه فأصابني هم لم يصبني مثله قط فجلست في البيت فقال لي عمي : ما أردت إلى أن كذبك رسول الله ﷺ ومقتك فأنزل الله ﴿ إِذَا جَاءكَ المنافقون ﴾ فبعث إليّ النبي ﷺ فقرأ فقال :" إن الله صدقك يا زيد ".
وجوز بعض الأفاضل أن يكون المعنى إن المنافقين شأنهم الكذب وإن صدقوا في هذا الخبر، وأياً مّا كان فلا يتم للنظام الاستدلال بالآية على أن صدق الخبر مطابقته لاعتقاد المخبر ولو كان ذلك الاعتقاد خطأ وكذبه عدمها، وإظهار المنافقين في موقع الإضمار لذمهم والإشعار بعلة الحكم والكلام في ﴿ إِذَا ﴾ على نحو ما مر آنفاً }.