وقال الآلوسى :
﴿ يَعْلَمُ مَا فِى السموات والأرض ﴾
من الأمور الكلية والجزئية والأحوال الجلية والخفية ﴿ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴾ أي ما تسرونه فيما بينكم وما تظهرونه من الأمور والتصريح به مع اندراجه فيما قبله للاعتناء بشأنه لأنه الذي يدور عليه الجزاء، وقوله تعالى :﴿ والله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور ﴾ اعتراض تذييلي مقرر لما قبله من شمول علمه تعالى لسرهم وعلنهم أي هو عز وجل محيط بجميع المضمرات المستكنة في صدور الناس بحيث لا تفارقها أصلاً فكيف يخفى عليه تعالى ما يسرونه وما يعلنونه، وإظهار الجلالة للإشعار بعلة الحكم وتأكيد استقلال الجملة، قيل : تقديم تقرير القدرة على العلم لأن دلالة المخلوقات على قدرته تعالى بالذات وعلى علمه سبحانه لما فيها من الإتقان والاختصاص ببعض الأنحاء.
وقرأ عبيد عن أبي عمرو.
وأبان عن عاصم ما يسرون وما يعلنون بياء الغيبة.
﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ ﴾ أي أيها الكفرة لدلالة ما بعد على تخصيص الخطاب بهم، وظاهر كلام بعض الأجلة أن المراد بهم أهل مكة فكأنه قيل : ألم يأتكم يا أهل مكة ﴿ نَبَؤُاْ الذين كَفَرُواْ مِن قَبْلُ ﴾ كقوم نوح.
وهود.
وصالح.
وغيرهم من الأمم المصرة على الكفرة ﴿ فَذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ ﴾ أي ضرر كفرهم في الدنيا من غير مهلة، وأصل الوبال الثقل والشدة المترتبة على أمر من الأمور، ومنه الوبيل لطعام يثقل على المعدة، والوابل للمطر الثقيل القطار، واستعمل للضرر لأنه يثقل على الإنسان ثقلاً معنوياً، وعبر عن كفرهم بالأمر للإيذان بأنه أمر هائل وجناية عظيمة ﴿ وَلَهُمْ ﴾ في الآخرة ﴿ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ لا يقادر قدره.
﴿ ذلك ﴾ أي ما ذكر من العذاب الذي ذاقوه في الدنيا وما سيذوقونه في الآخرة ﴿ بِأَنَّهُ ﴾ أي بسبب أن الشأن.
﴿ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بالبينات ﴾ بالمعجزات الظاهرة ﴿ فَقَالُواْ ﴾ عطف على ﴿ كَانَتْ ﴾.


الصفحة التالية
Icon