﴿ أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا ﴾ أي قال كل قوم من أولئك الأقوام الذين كفروا في حق رسولهم الذي أتاهم بالمعجزات منكرين لكون الرسول من جنس البشر، أو متعجبين من ذلك أبشر يهدينا كما قالت ثمود :﴿ أَبَشَراً مّنَّا واحدا نَّتَّبِعُهُ ﴾ [ القمر : ٢٤ ]، وقد أجمل في الحكاية فأسند القول إلى جميع الأقوام، وأريد بالبشر الجنس، فوصف بالجمع كما أجمل الخطاب، والأمر في قوله تعالى :﴿ وَمَعِينٍ يا أَيُّهَا الرسل كُلُواْ مِنَ الطيبات واعملوا صالحا ﴾ [ المؤمنون : ٥١ ] وارتفاع ﴿ بُشّرَ ﴾ على الابتداء، وجملة ﴿ يَهْدُونَنَا ﴾ هو الخبر عند الحوفي.
وابن عطية، والأحسن أن يكون مرفوعاً على الفاعلية بفعل محذوف يفسره المذكور لأن همزة الاستفهام أميل إلى الفعل والمادة من باب الاشتغال ﴿ فَكَفَرُواْ ﴾ بالرسل عليهم السلام ﴿ وَتَوَلَّواْ ﴾ عن التأمل فيما أتوا به من البينات ؛ وعن الإيمان بهم ﴿ واستغنى الله ﴾ أي أظهر سبحانه غناه عن إيمانهم وعن طاعتهم حيث أهلكهم وقطع دابرهم، ولولا غناه عز وجل عنهما لما فعل ذلك، والجملة عطف على ما قبلها، وقيل : في موضع الحال على أن المعنى ﴿ فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْ ﴾ وقد استغنى الله تعالى عن كل شيء، والأول هو الوجه ﴿ والله غَنِىٌّ ﴾ عن العالمين فضلاً عن إيمانهم وطاعتهم ﴿ حَمِيدٌ ﴾ يحمده كل مخلوق بلسان الحال الذي هو أفصح من لسان المقال، أو مستحق جل شأنه للحمد بذاته وإن لم يحمده سبحانه حامد. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٢٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon