والتقدير : بالنوايا والخواطر ذات الصدور كقوله :﴿ وحملناه على ذات ألواح ﴾ [ القمر : ١٣ ] وتقدم بيانه عند قوله تعالى :﴿ إنه عليم بذات الصدور ﴾ في سورة [ الأنفال : ٤٣ ].
أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٥)
انتقال من التعريض الرمزي بالوعيد الأخروي في قوله :﴿ والله بما تعملون بصير ﴾ [ التغابن : ٢ ]، إلى قوله :﴿ وإليه المصير ﴾ [ التغابن : ٣ ]، وقوله :﴿ ويعلم ما تسرون وما تعلنون ﴾ [ التغابن : ٤ ]، إلى تعريض أوضح منه بطريق الإِيماء إلى وعيد لعذاب دنيوي وأخروي معاً فإن ما يسمّى في باب الكناية بالإِيمان أقل لوازم من التعريض والرمز فهو أقرب إلى التصريح.
وهذا الإِيماء بضرب المَثل بحال أمم تلقوا رسلهم بمثل ما تلقّى به المشركون محمداً ﷺ تحذيراً لهم من أن يحلّ بهم مثل ما حلّ بأولئك، فالجملة ابتدائية لأنها عَدٌّ لصنف ثانٍ من أصناف كفرهم وهو إنكار الرسالة.
فالخطاب لخصوص الفريق الكافر بقرينة قوله :﴿ الذين كفروا من قبل ﴾ فهذا الخطاب موجه للمشركين الذين حالهم كحال من لم يبلغهم نبأ الذين كفروا مثلَ كفرهم، مثلُ عاد وثمود ومَدين وقوم إبراهيم.
والاستفهام تقريري، والتقريري يؤتى معه بالجملة منفية توسعة على المقرر إن كان يريد الإِنكار حتى إذا أَقرّ لم يستطع بعد إقراره إنكاراً لأنه قد أعذر له من قبل بتلقينه النفي وقد تقدم غير مرة.
وحُذف ما أضيف إليه ﴿ قبلُ ﴾ ونوي معناه، والتقدير : من قبلِكم، أي في الكفر بقرينة قوله :﴿ فمنكم كافر ﴾ [ التغابن : ٢ ].
والكافرون يعلمون أنهم المقصود لأنهم مُقدمون على الكفر ومستمرون عليه.
والوبال : السوء وما يكره.
والأمر : الشأن والحال.