فصل
قال الفخر :
﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ
الثالث : كيف يفيد القسم في إخباره عن البعث وهم قد أنكروا رسالته.
نقول : إنهم وإن أنكروا الرسالة لكنهم يعتقدون أنه يعتقد ربه اعتقاداً لا مزيد عليه فيعلمون أنه لا يقدم على القسم بربه إلا وأن يكون صدق هذا الإخبار أظهر من الشمس عنده وفي اعتقاده، والفائدة في الإخبار مع القسم ليس إلا هذا، ثم إنه أكد الخبر باللام والنون فكأنه قسم بعد قسم.
ولما بالغ في الإخبار عن البعث والاعتراف بالبعث من لوازم الإيمان قال :
فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨)
قوله :{فَئَامِنُواْ﴾ يجوز أن يكون صلة لما تقدم لأنه تعالى لما ذكر ما نزل من العقوبة بالأمم الماضية، وذلك لكفرهم بالله وتكذيب الرسل قال :﴿فَئَامِنُواْ﴾ أنتم ﴿بالله وَرَسُولِهِ﴾ لئلا ينزل بكم ما نزل بهم من العقوبة ﴿والنور الذى أَنزَلْنَا﴾ وهو القرآن فإنه يهتدى به في الشبهات كما يهتدى بالنور في الظلمات، وإنما ذكر النور الذي هو القرآن لما أنه مشتمل على الدلالات الظاهرة على البعث، ثم ذكر في "الكشاف" أنه عنى برسوله والنور محمداً ﷺ والقرآن ﴿والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ أي بما تسرون وما تعلنون فراقبوه وخافوه في الحالين جميعاً وقوله تعالى :﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الجمع﴾ يريد به يوم القيامة جمع فيه أهل السموات وأهل الأرض، و ﴿ذَلِكَ يَوْمُ التغابن﴾ والتغابن تفاعل من الغبن في المجازاة والتجارات، يقال : غبنه يغبنه غبناً إذا أخذ الشيء منه بدون قيمته، قال ابن عباس رضي الله عنهما : إن قوماً في النار يعذبون وقوماً في الجنة يتنعمون، وقيل : هو يوم يغبن فيه أهل الحق، أهل الباطل، وأهل الهدى أهل الضلالة، وأهل الإيمان.