والشعبي نجمعكم بالنون ﴿ لِيَوْمِ الجمع ﴾ ليوم يجمع فيه الأولون والآخرون، وقيل : الملائكة عليهم السلام والثقلان، وقيل : غير ذلك، والأول أظهر، واللام قيل : للتعليل، وفي الكلام مضاف مقدر أي لأجل ما في يوم الجمع من الحساب، وقيل : بمعنى في فلا تقدير ﴿ ذَلِكَ يَوْمُ التغابن ﴾ أخرج عبد بن حميد عن ابن عباس.
ومجاهد.
وقتادة أنهم قالوا : يوم غبن فيه أهل الجنة أهل النار فالتفاعل فيه ليس على ظاهره كما في التواضع والتحامل لوقوعه من جانب واحد، واختير للمبالغة، وإلى هذا ذهب الواحدي.
وقال غير واحد : أي يوم غبن فيه بعض الناس بعضاً بنزول السعداء منازل الأشقياء لو كانوا سعداء وبالعكس، ففي الصحيح " ما من عبد يدخل الجنة إلا أري مقعده من النار لو أساء ليزداد شكراً، وما من عبد يدخل النار إلا أري مقعده من الجنة لو أحسن ليزداد حسرة " وهو مستعار من تغابن القوم في التجارة، وفيه تهكم بالأشقياء لأنهم لا يغبنون حقيقة السعداء بنزولهم في منازلهم من النار، أو جعل ذلك تغابناً مبالغة على طريق المشاكلة فالتفاعل على هذا القول على ظاهره وهو حسن إلا أن التغابن فيه تغابن السعداء والأشقياء على التقابل، والأحسن الإطلاق، وتغابن السعداء على الزيادة ثبت في الصحاح، واختار ذلك محي السنة حيث قال : التغابن تفاعل من الغبن وهو فوت الحظ، والمراد بالمغبون من غبن في أهله ومنازله في الجنة فيظهر يومئذٍ غبن كل كافر بترك الإيمان وغبن كل مؤمن بتقصيره في الإحسان، قال الطيبي : وعلى هذا الراغب حيث قال : الغبن أن يبخس صاحبك في معاملة بينك وبينه بضرب من الإخفاء فإن كان ذلك في مال يقال : غبن فلان بضم الغين وكسر الباء، وإن كان في رأي يقال : غبن بفتح الغين وكسر الباء، و﴿ يَوْمُ التغابن ﴾ يوم القيامة لظهور الغبن في المبايعة المشار إليها بقوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon