وتقدم الكلام على فعل الزعم في قوله تعالى :﴿ ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك ﴾ الآية في سورة [ النساء : ٦٠ ]، وقوله :﴿ ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون ﴾ في سورة [ الأنعام : ٢٢ ] وما ذكرته هنا أوفى.
والمراد بـ الذين كفروا } هنا المشركون من أهل مكة ومن على دينهم.
واجتلاب حرف ﴿ لن ﴾ لتأكيد النفي فكانوا موقنين بانتفاء البعث.
ولذلك جيء إبطال زعمهم مؤكَّداً بالقَسَم لينْقض نفيهم بأشد منه، فأُمر النبي ﷺ بأن يبلغهم عن الله أن البعث واقع وخاطبهم بذلك تسجيلاً عليهم أن لا يقولوا ما بلغناه ذلك.
وجملة ﴿ قل بلى ﴾ معترضة بين جملة ﴿ زعم الذين كفروا ﴾ وجملةِ ﴿ فآمنوا بالله ورسوله ﴾ [ التغابن : ٨ ].
وحرف ﴿ بلَى ﴾ حرف جواب للإِبطال خاصصٍ بجواب الكلام المنفي لإِبطاله.
وجملة ﴿ ثم لتنبؤن بما عملتم ﴾ ارتقاء في الإِبطال.
و﴿ ثم ﴾ للتراخي الرتبي فإن إنباءهم بما عملوا أهم من إثبات البعث إذ هو العلة للبعث.
والإِنباء : الإِخبار، وإنباؤهم بما عملوا كناية عن محاسبتهم عليه وجزائهم عما عملوه، فإن الجزاء يستلزم علم المجازَى بعمله الذي جوزي عليه فكانَ حصول الجزاء بمنزلة إخباره بما عمله كقوله تعالى :﴿ إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا ﴾ [ لقمان : ٢٣ ].
وهذا وعيد وتهديد بجزاء سَيّىءٍ لأن المقام دليل على أن عملهم سَيىء وهو تكذيب الرسول ﷺ وإنكار ما دعاهم إليه.
وجملة ﴿ وذلك على الله يسير ﴾ تذييل، والواو اعتراضية.
واسم الإِشارة : إما عائد إلى البعث المفهوم من ﴿ لتبعثن ﴾ مثل قوله :﴿ اعدلوا هو أقرب للتقوى ﴾ [ المائدة : ٨ ] أي العدل أقرب للتقوى، وإما عائد إلى معنى المذكور من مجموع ﴿ لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم ﴾.


الصفحة التالية
Icon