وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
قوله :﴿ زَعَمَ الذين كَفَرُواْ أَن لَّن يُبْعَثُواْ ﴾
الزعم : هو القول بالظنّ، ويطلق على الكذب.
قال شريح : لكل شيء كنية، وكنية الكذب زعموا، و ﴿ أَن لَّن يُبْعَثُواْ ﴾ قائم مقام مفعول زعم، و " أن " هي المخففة من الثقيلة لا المصدرية لئلا يدخل ناصب على ناصب، والمراد بالكفار : كفار العرب ؛ والمعنى : زعم كفار العرب أن الشأن لن يبعثوا أبداً.
ثم أمر سبحانه رسوله ﷺ بأن يردّ عليهم ويبطل زعمهم فقال :﴿ قُلْ بلى وَرَبّى لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ ﴾ بل هي التي لإيجاب النفي، فالمعنى : بلى تبعثون.
ثم أقسم على ذلك، وجواب القسم :﴿ لتبعثنّ ﴾ أي : لتخرجنّ من قبوركم، ﴿ لتنبؤن بِمَا عَمِلْتُمْ ﴾ أي : لتخبرنّ بذلك إقامة للحجة عليكم، ثم تجزون به ﴿ َذَلِكَ ﴾ البعث والجزاء ﴿ عَلَى الله يَسِيرٌ ﴾ إذ الإعادة أيسر من الابتداء ﴿ فآمنوا بالله ورسوله ﴾ الفاء هي الفصيحة الدالة على شرط مقدّر أي : إذا كان الأمر هكذا، فصدّقوا بالله ورسوله محمد ﷺ ﴿ والنور الذى أَنزَلْنَا ﴾ وهو القرآن ؛ لأنه نور يهتدى به من ظلمة الضلال ﴿ والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ لا يخفى عليه شيء من أقوالكم وأفعالكم، فهو مجازيكم على ذلك ﴿ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الجمع ﴾ العامل في الظرف :﴿ لتنبؤن ﴾، قاله النحاس.
وقال غيره : العامل فيه خبير، وقيل : العامل فيه محذوف هو اذكر.
وقال أبو البقاء : العامل فيه ما دلّ عليه الكلام، أي : تتفاوتون يوم يجمعكم.
قرأ الجمهور :﴿ يجمعكم ﴾ بفتح الياء وضم العين، وروي عن أبي عمرو إسكانها، ولا وجه لذلك إلاّ التخفيف، وإن لم يكن هذا موضعاً له، كما قرىء في ﴿ وَمَا يُشْعِرُكُمْ ﴾ [ الأنعام : ١٠٩ ] بسكون الراء، وكقول الشاعر :
فاليوم أشرب غير مستحقب... إثماً من الله ولا واغل