وهذا الخبر في قوله :﴿ ومن يؤمن بالله يهد قلبه ﴾ إيماء إلى الأمر بالثبات والصبر عند حلول المصائب لأنه يلزم من هدْي الله قلب المؤمن عند المصيبة ترغيب المؤمنين في الثبات والتصبر عند حلول المصائب فلذلك ذيل بجملة ﴿ والله بكل شيء عليم ﴾ فهو تذييل للجملة التي قبلها وارد على مراعاة جميع ما تضمنته من أن المصائب بإذن الله، ومن أن الله يهدي قلوب المؤمنين للثبات عند حلول المصائب ومن الأمر بالثبات والصبر عند المصائب، أي يعلم جميع ذلك.
وفيه كناية عن مجازاة الصابرين بالثواب لأن فائدة علم الله التي تهم الناس هو التخلق ورجاء الثواب ورفع الدرجات.
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (١٢)
عطف على جملة ﴿ ومن يؤمن بالله يهد قلبه ﴾ [ التغابن : ١١ ] لأنها تضمنت أن المؤمنين متهيئون لطاعة الله ورسوله ﷺ فيما يدعوانهم إليه من صالح الأعمال كما يدل عليه تذييل الكلام بقوله :﴿ وعلى الله فليتوكل المؤمنون ﴾ [ آل عمران : ١٢٢ ]، ولأن طلب الطاعة فرع عن تحقق الإِيمان كما في حديث معاذ " أن النبي ﷺ لما بعثه إلى اليمن قال له : إنك ستأتي قوماً أهل كتاب فأولُ ما تدعوهم إليه فادْعُهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة " الحديث.
وتفريع ﴿ فإن توليتم ﴾ تحذير من عصيان الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
والتولي مستعار للعصيان وعدم قبول دعوة الرسول.
وحقيقة التولّي الانصراف عن المكان المستقر فيه واستعير التولي للعصيان تشنيعاً له مبالغة في التحذير منه، ومثله قوله تعالى في خطاب المؤمنين ﴿ وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ﴾ [ محمد : ٣٨ ]، وقال :﴿ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون ﴾ [ الأنفال : ٢٠ ].