وسبب نزولها أن رجالا منعهم أزواجهم وأولادهم من الغزو في سبيل اللّه خوفا من أن يقتلوا ويتركوهم وان رجالا أسلموا ومنعهم أزواجهم وأولادهم من الالتحاق برسول اللّه، فحذرهم اللّه من طاعتهم، ولما جاءوا أخبروا عند نزول هذه الآية بأن إخوانهم الّذين هاجروا قبلهم تفقهوا في الدّين، فهموا أن يعاقبوا أزواجهم وأولادهم، فأنزل اللّه هذه الآية وأردفها بقوله "وَإِنْ تَعْفُوا" عنهم "وَتَصْفَحُوا" عما وقع منهم "وَتَغْفِرُوا" زلتهم هذه "فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ" لكم ولهم ولكل من ينيب إليه ويستغفره "رَحِيمٌ" (١٤) بعباده يحب العفو عنهم.
تحذر هذه الآية من الرّكون إلى الأزواج والأولاد، فعلى العاقل يكون شديد الحذر من غير الصّالحين من ان هذين الصّنفين، فإن كثيرا من الزوجات والأولاد قتلوا أزواجهم وآبائهم بقصد التزوج بغيره والاستيلاء على ماله ولا سيما في هذا الزمن ولا حول ولا قوة إلا
باللّهِ نَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ"
عظيمة وبلاء جسيم، يختبركم اللّه بهم، فهم سبب وقوعكم في تناول الحرام والاعتداء على الغير، فإياكم والافتتان بالمال والولد من أن يسوقاكم إلى ما يغضب اللّه وينسيكم أنفسكم فتهلكوا.
وإياكم إياكم أن تستغنوا بالمال، فإن اللّه يفقركم، أو تعتمدوا على أولادكم إلّا بما يرضي اللّه، فإذا فعلتم ما أمرتم به بشأن المال والولد وانتهيتم مما نهيتم عنه فيهما وفي الأزواج سلمتم من فتنتهم وأمنتم من شرهم ونفعوكم في الدّنيا والآخرةَ اللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ"