" زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير ". إنكار البعث جريمة قديمة. ولكنها لم تلق الانتشار الذى أتيح لها فى هذا العصر، فالحضارة التى تظلنا زينت الحياة الدنيا وأهالت التراب على ما بعدها، بل إن الكلام عن اليوم الآخر وهم لا يجوز أن يجرى على ألسنة العقلاء! وأهل الكتاب يقودهم اليهود فى هذا الإنكار، وملاحدة العرب يجرئون الجماهير على نسيان الله وجحد لقائه، ويضيقون بالقرآن وهو يصور مشاهد الآخرة. إن قضايا الدين كلها تحتاج إلى عرض جديد يقاوم الإلحاد السائد. " فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا ". النور هو القرآن، وقد سقى كذلك فى آيات كثيرة " ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا ". ولا يوجد كلام موثق من ألفه إلى يائه صادر عن الله سبحانه إلا هذا الكتاب، وقد أحصى العقائد المنجية وساقها فى حشد من الأدلة تورث اليقين. وليت المسلمين يرتفعون إلى مستوى كتابهم ويؤدون رسالته. " يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ". شعور الناس يوم البعث يحتاج إلى شرح. سيقول البعض " يا ليتني قدمت لحياتي ". وسيندم كثير على أنهم أضاعوا أوقاتا طويلة فى غير طائل وأوتوا الصحة فلم ينتفعوا بها فى طاعة، كما جاء فى الحديث " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ ". وسيندم آخرون على أنهم صادقوا فلانا الكبير وخاصموا فلانا الضعيف! إن فرصا كثيرة للنجاة أفلتت منهم بغباء شديد! " ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ". وهيهات لقد مضت أيام العمل وأتت أيام الحساب.. ولما كانت السورة مدنية، وكان المهاجرون والأنصار مكلفين بإقامة دولة الإسلام فى وجه صعوبات بالغة وخصومات عنيفة، فقد قال! الله تعالى تصبيرا للقوم وتقوية للإيمان: " ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم ". إن إكراه المرء على ترك وطنه نصرة لدينه شىء شاق، وليس