البحث الثاني : قال في موضع :﴿سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض﴾ [ الحشر : ١ ] وفي موضع آخر ﴿سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي السموات والأرض﴾ [ الحديد : ١ ] فما الحكمة فيه ؟ قلنا : الحكمة لا بد منها، ولا نعلمها كما هي، لكن نقول : ما يخطر بالبال، وهو أن مجموع السموات والأرض شيء واحد، وهو عالم مؤلف من الأجسام الفلكية والعنصرية، ثم الأرض من هذا المجموع شيء والباقي منه شيء آخر، فقوله تعالى :﴿يُسَبّحُ لِلَّهِ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض﴾ بالنسبة إلى هذا الجزء من المجموع وبالنسبة إلى ذلك الجزء منه كذلك، وإذا كان كذلك فلا يبعد أن يقال، قال تعالى في بعض السور كذا وفي البعض هذا ليعلم أن هذا العالم الجسماني من وجه شيء واحد، ومن وجه شيئان بل أشياء كثيرة، والخلق في المجموع غير ما في هذا الجزء، وغير ما في ذلك أيضاً ولا يلزم من وجود الشيء في المجموع أن يوجد في كل جزء من أجزائه إلا بدليل منفصل، فقوله تعالى :﴿سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض﴾ على سبيل المبالغة من جملة ذلك الدليل لما أنه يدل على تسبيح ما في السموات وعلى تسبيح ما في الأرض، كذلك بخلاف قوله تعالى :﴿سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي السموات والأرض ﴾.
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢)