﴿ فالتقطه ءالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً ﴾ [ القصص : ٨ ] وهي كالفاء في قوله تعالى :﴿ وَجَعَلْنَا فِى ذُرّيَّتِهِمَا النبوة والكتاب فَمِنْهُمْ مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ فاسقون ﴾ [ الحديد : ٢٦ ] ولم يجعلها للتفصيل كما قيل.
واختار في الآية المعنى السابق مؤيداً له بالأحاديث الصحيحة، وبأن السياق عليه مدعياً أن الآيات كلها واردة لبيان عظمة الله تعالى في ملكه وملكوته واستبداده فيهما، وفي شمول علمه تعالى كلها وفي إنشائه تعالى المكونات ذواتها وأعراضها، ووافقه في اختيار ذلك تلميذه المدقق صاحب الكشف، واعترض قول الزمخشري : فما أجهل الخ بقوله فيه ما مر مراراً كأنه يعني مخالفة النصوص في عدم كون الكفر مخلوقاً كغيره على أن خلق الكفر أيضاً من النعم العظام فلولا خلقه وتبيين ما فيه من المضار ما ظهر مقدار الأنعام بالايمان وما فيه من المنافع، ثم إن كونه كفراً باعتبار قيامه بالعبد ومنه جاء القبح لا باعتبار كونه خلقه تعالى على ما حقق في موضعه، ثم قال : ومنه يظهر أن تكلفه في قوله تعالى :﴿ فَمِنكُمْ ﴾ الخ ليخرجه عن تفصيل المجمل في ﴿ خَلَقَكُمْ ﴾ تحريف لكتاب الله تعالى انتهى.
ويرجح التفصيل عندي في الجملة قوله تعالى :﴿ كَافِرٍ ﴾ دون من يكفر ومن يؤمن، نعم عدم دخول الكفر والايمان في الخلق أوفق بقوله تعالى :﴿ حَنِيفاً فِطْرَةَ الله التى فَطَرَ الناس عَلَيْهَا ﴾ [ الروم : ٣٠ ] وقوله ﷺ :" كل مولود يولد على الفطرة " والانصاف أن الآية تحتمل كلا من المعنيين : المعنى الذي ذكر أولاً.