والمعنى الذي اختاره البعض، والسياق يحتمل أن يحمل على ما يناسب كلا وليس نصاً في أحد الأمرين اللذين سمعتهما حتى قيل : إن الآيات واردة لبيان ما يتوقف عليه الوعد والوعيد بعد من القدرة التامة والعلم المحيط بالنشأتين، وقوله تعالى :﴿ والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ أي فيجازيكم بما يناسب ذلك لا ينافي خلق الكفر والايمان لأنهما مكسوبان للعبد، وخلق الله تعالى إياهما لا ينافي كونهما مكسوبين للعبد كما بين في الكلام على قوله تعالى :﴿ والله خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [ الصافات : ٩٦ ] لكن أكثر الأحاديث تؤيد المعنى الأول، وكأني بك تختار الثاني لأن كون المقام للتوبيخ على الكفر أظهر وهو أوفق به، وعن عطاء بن أبي رباح ﴿ فَمِنكُمْ كَافِرٌ ﴾ أي بالله تعالى مؤمن بالكوكب ﴿ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ ﴾ بالله تعالى كافر بالكوكب، وقيل :﴿ فَمِنكُمْ كَافِرٌ ﴾ بالخلق وهم الدهرية ﴿ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ ﴾ به، وعن الحسن أن في الكلام حذفاً والتقدير ومنكم فاسق، ولا أراه يصح، وكأنه من كذب المعتزلة عليه، والجملة على ما استطهر بعض الأفاضل معطوفة على الصلة، ولا يضره عدم العائد لأن المعطوف بالفاء يكفيه وجود العائد في إحدى الجملتين كما قرروه في نحو الذي يظير فيغضب زيد الذباب، أو يقال : فيها رابط بالتأويل أي فمنكم من قدر كفره ومنكم من قدر إيمانه، أو ﴿ فَمِنكُمْ كَافِرٌ ﴾ به ﴿ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ ﴾ به، ويقدر الحذف تذريجاً، وجوز أن يكون العطف على جملة ﴿ هُوَ الذى خَلَقَكُمْ ﴾.
﴿ خَلَقَ السماوات والأرض بالحق ﴾
بالحكمة البالغة المتضمنة للمصالح الدينية والدنيوية، قيل : وأصل الحق مقابل الباطل فأريد به الغرض الصحيح الواقع على أتم الوجوه وهو الحكمة العظيمة.