فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ
قال قتادة وفريق من الناس : إن قوله :﴿ فاتقوا الله ما استطعتم ﴾ ناسخ لقوله :﴿ اتقوا الله حق تقاته ﴾ [ آل عمران : ١٠٢ ]، وروي أن الأمر بحق التقاة نزل، فشق ذلك على الناس حتى نزل :﴿ ما استطعتم ﴾، وذهبت فرقة منهم أبو جعفر النحاس إلى أنه لا نسخ في الآيتين، وأن قوله :﴿ حق تقاته ﴾ [ آل عمران : ١٠٢ ] مقصده " فيما استطعتم "، ولا يعقل أن يطيع أحد فوق طاقته واستطاعته، فهذه على هذا التأويل مبينة لتلك، وتحتمل هذه الآية أن يكون :﴿ فاتقوا الله ﴾ مدة استطاعتكم التقوى، وتكون :﴿ ما ﴾ ظرفاً للزمان كله كأنه يقول : حياتكم وما دام العمل ممكناً، وقوله :﴿ خيراً ﴾ ذهب بعض النحاة إلى أنه نصب على الحال وفي ذلك ضعف، وذهب آخرون منهم إلى أنه نصب بقوله :﴿ وأنفقوا ﴾ قالوا والخبر هنا : المال، وذهب فريق منهم إلى أنه نعت لمصدر محذوف، تقديره : إنفاقاً ﴿ خيراً ﴾، ومذهب سيبويه : أنه نصب بإضمار فعل يدل عليه ﴿ أنفقوا ﴾.
وقرأ أبو حيوة :" يوَقّ " بفتح الواو وشد القاف، وقرأ أبو عمرو " شِح " بكسر الشين، وقد تقدم القول في ﴿ شح ﴾ النفس ما هو في سورة الحشر. وقال الحسن : نظرك لامرأة لا تملكها شح، وقيل : يا رسول الله : ما يدخل العبد النار؟ قال :" شح مطاع، وهوى متبع، وجبن هالع، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخويصة نفسك ".
وقرأ جمهور السبعة :" تضاعفه " وقرأ ابن كثير وابن عامر :" يضاعفه "، وذهب بعض العلماء إلى أن هذا الحض هو على أداء الزكاة المفروضة، وذهب آخرون منهم إلى أن الآية، في المندوب إليه وهو الأصح إن شاء الله.
وقوله تعالى :﴿ والله شكور ﴾ إخبار بمجرد شكره تعالى على الشيء اليسير، وأنه قد يحط به عن من يشاء الحوب العظيم لا رب غيره. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon