الخامسة : قوله تعالى :﴿ وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وَتَغْفِرُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ روى الطَّبَري عن عِكْرمة في قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فاحذروهم ﴾ قال : كان الرجل يريد أن يأتي النبيّ ﷺ فيقول له أهله : أين تذهب وتدعنا؟ قال : فإذا أسلم وَفَقُه قال : لأرجعن إلى الذين كانوا ينهون عن هذا الأمر، فلأفعلن ولأفعلن ؛ قال : فأنزل الله عز وجل :﴿ وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وَتَغْفِرُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾.
وقال مجاهد في قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فاحذروهم ﴾ قال : ما عادوهم في الدنيا ولكن حملتهم مودّتهم على أن أخذوا لهم الحرام فأعطوه إياهم.
والآية عامة في كل معصية يرتكبها الإنسان بسبب الأهل والولد.
وخصوص السبب لا يمنع عموم الحكم.
قوله تعالى :﴿ إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾
أي بلاء واختبار يحملكم على كسب المحرّم ومنع حق الله تعالى ؛ فلا تطيعوهم في معصية الله.
وفي الحديث :" يُؤْتَى برجل يوم القيامة فيقال أكَلَ عِيالُه حسناتِه " وعن بعض السلف : العيال سُوس الطاعات.
وقال القُتَيبيّ :"فِتْنَةٌ" أي إغرام ؛ يقال : فُتِن الرجل بالمرأة أي شُغف بها.
وقيل "فِتْنَةٌ" مِحنة.
ومنه قول الشاعر :
لقد فتن الناس في دينهم...
وخَلّى ابن عَفّان شراً طويلاً
وقال ابن مسعود : لا يقولن أحدكم اللَّهُم اعْصِمْني من الفتنة ؛ فإنه ليس أحد منكم يرجع إلى مال وأهل وولد إلا وهو مشتمل على فتنة ؛ ولكن ليقل : اللَّهُمّ إني أعوذ بك من مُضِلاّت الفتن.
وقال الحسن في قوله تعالى :﴿ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ ﴾ : أدخل "من" للتبعيض ؛ لأن كلهم ليسوا بأعداء.