ولم يذكر "مِن" في قوله تعالى :﴿ إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ لأنهما لا يخلوان من الفتنة واشتغال القلب بهما.
روى الترمذي وغيره " عن عبد الله بن بُرَيْدة عن أبيه قال : رأيت النبيّ ﷺ يخطب ؛ فجاء الحسن والحسين عليهما السلام وعليهما قميصان أحمران، يمشيان ويعثران ؛ فنزل ﷺ فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال :"صدق الله عز وجل إنما أموالكم وأولادكم فتنة.
نظرت إلى هذين الصبيّين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما"ثم أخذ في خطبته " ﴿ والله عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ يعني الجنة، فهي الغاية، ولا أجر أعظم منها في قول المفسرين.
وفي الصحيحين واللفظ للبخاريّ عن أبي سعيد الخُدْرِي قال : قال رسول الله ﷺ :" إن الله يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لَبَّيْك رَبَّنَا وسعْدَيْك فيقول هل رضيتم فيقولون وما لَنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تُعط أحداً من خلقك فيقول ألاَ أعطيكم أفضل من ذلك قالوا ياربّ وأيُّ شيء أفضلُ من ذلك فيقول أُحِلّ عليكم رِضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً " وقد تقدم.
ولا شك في أن الرِّضا غاية الآمال.
وأنشد الصوفية في تحقيق ذلك :
امتحن الله به خلقهُ...
فالنار والجنة في قبضتهْ
فهجره أعظم من نارِه...
ووَصْلُه أطْيَبُ من جَنَّتهْ
قوله تعالى :﴿ فاتقوا الله مَا استطعتم واسمعوا وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَنفُسِكُمْ ﴾.
فيه خمس مسائل :
الأولى : ذهب جماعة من أهل التأويل إلى أن هذه الآية ناسخة لقوله تعالى :﴿ اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾ [ آل عمران : ١٠٢ ] منهم قتادة والربيع بن أنس والسُّدّي وابن زيد.