وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن هذه الآية ناسخة لقوله سبحانه :﴿ اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾ ومنهم قتادة، والربيع بن أنس، والسديّ، وابن زيد، وقد أوضحنا الكلام في قوله :﴿ اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾ ومعنى ﴿ واسمعوا وَأَطِيعُواْ ﴾ أي : اسمعوا ما تؤمرون به، وأطيعوا الأوامر.
قال مقاتل ﴿ اسمعوا ﴾ أي : اصغوا إلى ما ينزل عليكم، وأطيعوا لرسوله فيما يأمركم وينهاكم.
وقيل : معنى ﴿ اسمعوا ﴾ : اقبلوا ما تسمعون ؛ لأنه لا فائدة في مجرد السماع ﴿ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأنفُسِكُمْ ﴾ أي : أنفقوا من أموالكم التي رزقكم الله إياها في وجوه الخير ولا تبخلوا بها، وقوله :﴿ خَيْراً لاِنفُسِكُمْ ﴾ منتصب بفعل مضمر دلّ عليه أنفقوا، كأنه قال : ائتوا في الإنفاق خيراً لأنفسكم، أو قدّموا خيراً لها، كذا قال سيبويه.
وقال الكسائي، والفرّاء : هو نعت لمصدر محذوف، أي : إنفاقاً خيراً.
وقال أبو عبيدة : هو خبر لكان المقدّرة، أي : يكن الإنفاق خيراً لكم.
وقال الكوفيون : هو منتصب على الحال، وقيل : هو مفعول به لأنفقوا، أي : فأنفقوا خيراً.
والظاهر : في الآية الإنفاق مطلقاً من غير تقييد بالزكاة الواجبة، وقيل : المراد زكاة الفريضة، وقيل : النافلة، وقيل : النفقة في الجهاد ﴿ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المفلحون ﴾ أي : ومن يوق شحّ نفسه، فيفعل ما أمر به من الإنفاق، ولا يمنعه ذلك منه، فأولئك هم الظافرون بكل خير الفائزون بكل مطلب، وقد تقدم تفسير هذه الآية.


الصفحة التالية
Icon