بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ" فلكم حينئذ أن تخرجوهن منها كما لورثتكم ذلك على الوجه المبين في الآيتين ٢٣٥ و٢٤٠ من سورة البقرة المارة "وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ" نبينها لكم في الطّلاق هنا وفي الآيات ٢٢٦ و٢٤٤ من سورة البقرة وفي الآيات ١٩ و٢٠ و٣٤ و١٣٨ من سورة النّساء المارة، وقد حدّ لكم حدودا في ذلك فإياكم ومجاوزتها "وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ" فيخالف ما أمره ويقدم على ما نهاه "فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ" وأوردها مورد الهلاك
واعلم أن اللّه تعالى إنما نهاك عن الطّلاق البت مع أنه جازه لك لأنك أيها المطلق "لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً" لم يكن بالحسبان بأن يوقع في قلبك حبها كما أوقع فيه كراهيتها فتندم ولات حين مندم إذا كان الطّلاق بنا كما مرّ في الآية ١٩ من سورة النّساء، وكذلك على المرأة أن لا تطلب الطّلاق البت بسبب كراهتها لزوجها لاحتمال تبدل الحال معها أيضا كذلك يستحب للرجل أن لا يوقع على زوجته أكثر من طلقتين رجعيتين يبقى له مجالا للرجوع، وعليها أن لا تطلقه بأكثر من ذلك ليبقى لها الطّريق مفتوحا فيتراجعا متى أرادا ضمن العدة، فإذا أعلقاه بأيديهما وقد أوقع اللّه في قلوبهما محبة العودة يعظم ندمهما، وقد يبغيان جهلا طريق التحليل وهو خبيث أثيم منهي عنه، فالمحلل ليس بهذه النّية زوجا.
وقد جاء في الخبر عن سيد البشر لعن اللّه المحلل والمحلل له.
فما بالكم أيها النّاس يريد اللّه لكم الأصلح وتريدون الأصعب يريد اللّه لكم اليسر وتريدون العسر يريد اللّه أن يخفف عنكم وتريدون التثقيل، راجع الآيتين ١٨٥ في البقرة و٢٧ في النّساء المارتين، وإذا تشاددتم وأبيتم إلّا الطّلاق البات فليكن بطلقة واحدة بائنة ففيها يحصل المقصود لأن الزوجة تملك عصمتها ولا يحق للزوج الرّجوع عليها إلا برضاها، حتى إذا بدل اللّه ما في القلوب وتزجها بعقد ومهر جديدين.