ثم بين جل بيانه كيفية التقوى بأمر النساء فقال عز قوله "أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ" بحسب ما تجدونه من السّعة والطّاقة، لأن اللّه لم يكلفكم فوق قدرتكم "وَلا تُضآرُّوهُنَّ" فتؤذوهن ولو بالكلام "لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ" كى يخرجن من بيوتهن كرها، بل عاملوهن بالحسنى مدة عدتهن، وتذكروا وصية اللّه فيهن،
واجعلوا نصب أعينكم ما جاء في الآية الأولى المارة والاية ١٨ من سورة النّساء، بأن تبغوا طريقا للألفة كي يتيسر لكم الرّجوع إذا عنّ لكم "وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ" غير مقدر بقدر لأنه بالوضع تنتهي العدة وترفع عنكم كلفة نفقتها أما ذوات الحيض والآيات واللائي لم يحضن فلكل منهن قدر معلوم بينه اللّه لكم وألزمكم النفقة بقدره، أما ذوات الأحمال فإنه قد يتأخر الحمل إلى سنتين في مذهب أبي حنيفة، وإلى أربع في مذهب الشّافعي لذلك أوجب اللّه النّفقة على المطلق إلى حين الوضع، وإنهما رضي اللّه عنهما لم يقولا بذلك إلّا لما ثبت لديهما بالاستقراء، ولا قيمة لقول بعض الأطباء بأن الحمل لا يتأخر عن تسعة أشهر بعد أن ثبت حسا بأقوال الثقات.
ومبنى قول الأطباء على العادة والعادة قد تنخرم أحيانا لأنها تكون أغلبية واللّه خرق العوائد.
هذا وإن هؤلاء المطلقات إذا وضعن حملهن عندكم "فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ" أولادكم باختيارهن إذ لا يجبرن على الإرضاع إلّا بالصورة المبينة في الآية ٢٣٨ من سورة البقرة "فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ" عليه


الصفحة التالية
Icon